يطوّر الطفل قدرة على رؤية العالم بعيون الآخرين في وقت أبكر بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، إذ أظهرت دراسة حديثة أن الأطفال في عمر الثمانية أشهر يسجلون الحركات التي يقوم بها من حولهم ويجرون توقعات محسوبة لتفضيلات الأشخاص وما سيفعلونه تالياً، ويساهم هذا في فهمهم للعالم.
وكشفت نتائج الدراسة عن أنه بوصول الأطفال لسن الـ8 أشهر يتعلمون الإحساس بما يفكر فيه الشخص أو يعتقده أو ما يعرفه ولا يعرفه عن موقف ما، على عكس ما كنا نعتقد أنهم لا يطورون هذه القدرة إلا بعد تطوير قدرتهم على الكلام، وذلك في عمر الرابعة مثلاً.
إذ توصّل الباحثون إلى أن الأطفال ينظرون لأنماط التصرف المتسقة وفهم أن من حولهم يفضلون طعاماً أو ألعاباً أو نشاطات معينة بناء على مراقبة الأحداث والأفعال، كما يُمكنهم استخدام هذه المعلومات لإنشاء توقعات عما سيفعله الشخص تالياً، وفق التقرير الذي نشر على صحيفة Daily mail البريطانية.
وأظهرت الطريقة التي يتفاعل بها الأطفال مع المواقف غير الاعتيادية مؤشراً لذلك، وبدا الاتساق معها وكأنه عامل مهم بالنسبة للأطفال في مساعدتهم على ترتيب ما يحدث في العالم من حولهم.
هذا، وقالت الأستاذة المساعدة في علم النفس والدماغ ومديرة معمل الإدراك والنمو بجامعة واشنطن الأميركية لوري ماركسون إنه تمّ اتخاذ خيار معين ثلاث أو أربع مرات متتالية وسينظر الأطفال ذوو الثمانية أشهر لهذا السلوك المتسق باعتباره تفضيلاً.
وتابعت: “باختيار مختلف حتى لو مرة واحدة، يلغي هذا الأمر أي حساب بتفضيلات الآخرين في عقل الطفل ويغير من توقعاته بالنسبة لسلوك هذا الشخص، بعبارة أخرى، إذا كسرت الروتين، يتم إلغاء كل ما يتوقعونه منك”.
في التجربة عملت ماركسون مع الأستاذة المساعدة في علوم النفس بجامعة ميزوري كولومبيا، يويان لوه، على دراسة 60 طفلاً بين السبعة والتسعة أشهر، ومتابعة عملية التآلف، بجلوس الطفل في حجر والديه ومشاهدة امرأة شابة تأتي وتختار واحدة من دميتين محشوتين، إما كلباً أبيض ورمادياً وإما بطة صفراء بمنقار برتقالي.
ويتم تكرار التجربة أربع مرات بشروط مختلفة، وفي حالة السلوك المتسق تختار المرأة البطة ثلاث مرات متتالية، أما في حالة السلوك غير المتسق تختار البطة ثلاث مرات والكلب مرة، ثم تقوم امرأة بقميص أزرق باختيار البطة ثلاث مرات، وامرأة أخرى بقميص أبيض تختار الكلب مرة.
وقام مراقبون بمشاهدة ردود أفعال الأطفال، وترميز وقت ينظر فيه الطفل لكلا التفضيلين، واكتشفوا أن الطفل قضى وقتاً أطول بحوالى 50% في النظر للاختيارات غير المتسقة، إذ إن الأطفال الذين شاهدوا شخصاً يتخذ نفس الخيارات لثلاث أو أربع مرات متتالية بدت عليهم علامات الاندهاش الواضح عندما لم يتبع هذا الشخص نفس النمط بعد ذلك.
وفي النسخة الثانية من التجربة تمّ تكرار نفس العملية لكن المرأة تطلب منهم قائلة “هل بإمكانك إعطائي إياها؟ هلا تعطيني اللعبة؟”، وتم تأكيد النتائج أكثر، بأن الأطفال يفهمون مثل البالغين اختيارات الآخرين.