أدركت ليتيزيا مارسيلي ( 52 عاما) أنها مختلفة عن الآخرين منذ أن كانت صغيرة في السن.
إذ لديها “حصانة” ضد الألم، ما يعني أنها لا تشعر بالحروق، ولا تحس بالألم الناجم عن كسور العظام، ولكنها ليست الوحيدة، فخمسة من أفراد عائلتها يعيشون نفس الحالة.
وقد قالت ليتيزيا إنها تعيش وعائلتها يعيشون حياتهم اليومية بشكل عادي، ربما بشكل أفضل من الآخرين، لأنهم نادرا ما يمرضون، وبالكاد يحسون بالألم.
ولكن، أفراد هذه العائلة يحسون بالألم على مستوى معين، أوبالأحرى يعيشون تجربة الألم في وعيهم وإدراكهم دون إحساسهم، وهذا الشعور يستمر لثوان فقط.
ويعتقد العلماء أن هذه الحالة قد تكون ناجمة عن أن بعض الأعصاب التي لا تعمل بشكل جيد.
ويأمل العلماء الذي درسوا حالات أفراد العائلة عن كثب أن يساعدهم ذلك في تطوير وسيلة لتخفيف الإحساس بالألم عند الناس العاديين، كما قالت بروفيسورة أنا ماريا ألويسي من جامعة سينا في إيطاليا.
إلى ذلك، تعيش والدة ليتيزيا وابناها وأختها وابنة أختها نفس الحالة التي اصطلح على تسميتها “متلازمة مارسيلي” نسبة إلى العائلة.
لكن هل ظاهرة عدم الشعور بالألم سعادة خالصة ؟
تنبه ليتيزيا إلى أن الأمر ينطوي على مخاطر أيضا، إذ أحيانا تصاب هي وأفراد عائلتها بكسور أو حروق ولا يحسون إلا عندما يتطور الأمر إلى التهابات.
وتقول إن ابنها لودوفيكو البالغ من العمر 24 عاما، والذي يلعب كرة القدم يعاني من هشاشة في كاحليه أدت إلى تشوهات، ثم أظهرت صورة أشعة وجود الكثير من الكسور الصغيرة في الكاحلين.
أما ابنها الأصغر برناردو، البالغ من العمر 21 عاما، فقد عانى من تكلس المرفق من دون أن يحسّ بذلك، وكان مرفقه قد كسر حين وقع عن دراجته الهوائية ولم يحس بأي ألم، فتابع قيادة دراجته لتسعة أميال أخرى.
وعانت ليتيزيا نفسها من كسر في الكتف حين انزلقت أثناء التزلج ولم تحس بشيء، ولم تذهب إلى المستشفى إلا في صباح اليوم التالي حين أحست بتخدر في أصابعها.
وتعاني ماريا إلينا شقيقة ليتيزيا من حروق في سقف الحلق لأنها كثيرا ما تشرب سوائل ساخنة جدا دون أن تدرك ذلك.
وقال رئيس فريق مؤلفي الدراسة عن حالة عائلة مارسيلي، الدكتور جيمس كوكس من جامعة لندن، إنّ جسم أفراد العائلة يحتوي على جميع الأعصاب، لكن بعضها لا يعمل كما يجب.
وأضاف أن الفريق يحاول فهم ما يسبب عدم الشعور بالألم، لاستخدام ذلك في تطوير علاجات لتسكين الألم.
ورسم الفريق الخريطة الجينية لأفراد العائلة، وحددوا تغيرا معينا في أحد الجينات وهو ZFHX2
ثمّ أجروا تجربة على الفئران بتجريدها من الجين المذكور، فلاحظوا أنها لم تعد تشعر بالحرارة المرتفعة.
وأشارت بروفيسورة ألويسي إلى أنّ هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لفهم كيفية تاثير التغير الجيني على الإحساس بالألم.
ويعتقد أن هذه العائلة هي الوحيدة في العالم التي لا تشعر بالألم.