خاص- لإعطاء المرأة الفرصة بأن تكون كلّ شيء في الحياة… رندلى قديح: لإبداع المخرج بعيدًا عن التقليد وسرقة الأفكار

by Kermalouki

“سيبدأ المسلسل”… تنادين أهلكِ، أخواتكِ وجيرانكِ للإجتماع في غرفة الجلوس… تعترض بعض الإعلانات البثّ، فتحضرين بعض المطيّبات والمشروب… ثوانٍ وها هي الحلقة الأولى… الكلّ متحمّس… ما هو الموضوع يا ترى؟ هل الفكرة كلاسيكية، أم أنها مختلفة عمّا شاهدناه في السابق؟ هل يتخلّله مشاهد غزل ، كوميدية أم مجرّد رواية لقصّة دراميّة؟ أفكار من هنا وهناك… متبعثرة تعجّ في داخلك… ها هو البطل يطلّ بإطلالة جديدة، مختلفة عن أدواره السابقة… تنسجمين في المشاهد وتنخطفين مع الحوار والأحداث… وفجأة تولد فكرة غريبة عجيبة… “هل أنا في مطبخ فنيّ؟”… في ذلك “المطبخ الفني”، طباخ ماهر، قد حضّر كلّ مقادير “نجاح” المسلسل… وفي وعاء كبير يدير الطبخة على نار هادئة متمسكًا بزمام الأمور من الألف إلى الياء… “المقادير” كثيرة والطاقم كبير، ولكنّه له وحده أن يترأس زمام الأمور… له دور إداري كما له دور فنيّ… إنه المخرج الذي يقوم بتنظيم وتنسيق عناصر العمل كلّها وتوزيع المهامّ وملاحقة تننفيذها، إضافة إلى إبتكار أساليب جديدة للتصوير وإدخال أدوات مبتكرة للعمل…

“المخرج عمله يتمحور على الإبداع والخلق وليس على التقليد وسرقة الأفكار”، هذا ما تقوله المخرجة والممثلة رندلى قديح، والتي تضيف:” يجب إعطاء المرأة فرصة لأنّها يمكن أن تكون كلّ شيء في الحياة، المبتكرة والأمّ والزوجة والعاملة، إلخ”.

قديح التي ترى بأنّ النجاح في عالم التمثيل يحتاج إلى الجديّة وليس فقط إلى حبّ الظهور، هي امرأة موهوبة متميّزة بمزيج من الثقافات، إذ إنها مولودة في افريقيا ومتزوجة من اسباني… جذابة، أنيقة، لها حضورها وجمالها الخاصّ الطبيعي الممزوج بين الشرق والغرب، تفجر إبداعها بصورة خارجة عن المألوف، إذ إنّ موهبتها رزمة منسجمة ومتناغمة، لا تقتصر على الإخراج فقط بل وأيضًا من خلال التمثيل والرسم، والكتابة والغناء…

في دردشة عفويّة جاء هذا اللقاء لقديح مع Feminine Spirit

– كيف تطوّرت المخرجة والممثلة في مهنتها، منذ بدايتها حتى اليوم؟ ماذا اختلف عما في الماضي؟

ولدتُ في أفريقيا وعشتُ هناك خمسة عشر عاما، ثمّ انتقلتُ إلى باريس لمدّة خمس سنوات، وبعدها إنتقلتُ إلى لبنان لإكمال دراستي في الـaudiovisual في جامعة الـUSJ  وتخرجتُ في العام 1997 وكان موضوع التخرّج فيلم عنوانه “العريشة” وقد نلتُ جائزة عليه في مهرجان بيروت كأفضل فيلم قصير. كذلك، عملتُ في حقل إخراج الإعلانات، وقد شجعني من حولي على التمثيل فكانت لي التجربة في بطولة مسلسل “حكاية أمل” في العام 2000.

 وثابرتُ على عملي أيضًا في الإخراج وأسستُ شركة، وقد استطعتُ إثبات نفسي في مجتمع ذكوري، وتحدّيتُ نفسي. تطوّرتُ كثيرًا في عملي، وشخصيّتي نضجت أكثر مع الوقت، وأصبحت نظرتي مختلفة عمّا كنتُ عليه، ناهيك عن أنني سافرتُ كثيرًا وكوّنتُ  ثقافة واسعة…

 فالمرأة تتطوّر مع الوقت وتنضج  نتيجة للظروف التي تمرّ بها كالزواج والتجارب المهنيّة، ونتيجة الإختلاط بحضارات عديدة والإنفتاح والتمتّع بحسّ المعرفة وإكتشاف كلّ ما هو جديد من تقاليد وأعراف مجتمعات مختلفة.

 

ما الخطّ الذي تعتمدينه؟ ما الذي يميّزك في عملك عن الآخرين؟

الخط  الذي أعتمده هو الإنفتاح على كلّ دول العالم والا أحصر نفسي في إطار جغرافي واحد، ولذلك إنني أعمل جاهدة على مدّ جسور بين الشرق الأوسط وأوروبا، إذ لديّ فرع لشركتي في اسبانيا بلد زوجي… وقد استطعتُ أن أبرز أهميّة دور المرأة في المجتمع العمليّ وإزالة الصورة الخاطئة في الغرب عن المرأة اللبنانية التي هي امرأة متطوّرة ومنفتحة…

كما يُمكن ملاحظة أن الخط الذي أعتمده يتناول مواضيع مختلفة أقوم بإيصالها من خلال أعمالي (فيديو كليب، الأفلام والمسلسلات) فأوجه رسائل قد تتناول المرأة، أو الحبّ أوالعلاقات الإنسانية، وغيرها.

– ما الأصعب تصوير فيلم أو فيديو كليب أم مسلسل؟

يجب إحترام النصّ في المسلسل ولكن الصعوبة تكمن في القدرة على إيصال “تقطيع” المشهد و”إدارة ممثّل”. أما في الفيديو كليب، فأنا أبتكر كلّ شيء وأخلق الفكرة، وأرفض الـCopy Paste  لأنّ المخرج عمله يتمحور على الإبداع والخلق وليس على التقليد وسرقة الأفكار… ما أفكر به أعبّر عنه من خلال أعمالي…

– تعملين على الصعيدين المحلي والعالمي… ما برأيك تحتاجه الشاشة اللبنانية اليوم لتصبح بمستوى عالمي؟

من الناحية التقنية، لبنان مستواه عالمي… ولكن، الأسلوب يختلف حول العالم من ناحية الحضارات، إذ على سبيل المثال، في فرنسا يحبّون الماكياج الخفيف والبساطة، أما هنا في لبنان فيحبون الظهور ومواكبة الموضة… المشكلة هي أننا نقلّل من شأننا، في وقت أننا لدينا قدرات هائلة… بالنسبة إلى الفيديو كليبات مثلا، يعتمد الغرب على مبيعات الـCDs أما في عالمنا العربي نحبّ الفيديو كليبات أكثر بكثير من الغرب، ونبذل تكاليف أكبر…

– هل تركزين في عملك على دور النساء؟ ما الدور الأكبر الذي تعطينه للمرأة؟ من هي المرأة بالنسبة إليكِ؛ هل هي الإمرأة العاملة أم ربة المنزل أم النجمة إلخ؟

لا أعلم لما نرى دائمًأ في الفيديو كليبات أنّ المرأة دائمًا هي الشريرة والمشاكسة! (تمزح ضاحكة…) أحيانا قد تكون المشكلة سببه الأساس هو الرجل، فالمرأة ليست شريرة بالفطرة… أحيانًأ قد تفتعل مشكلة معيّنة مع الرجل نتيجة مشاكل نفسية دفينة لديها ولكن أخرجها الرجل بخطأ منه… هذه الفكرة قد سبق لي أن ترجمتها من خلال فيديو كليب للفنان وائل جسار… يجب إعطاء المرأة فرصة لأنّها يمكن أن تكون كلّ شيء في الحياة، المبتكرة والأمّ والزوجة والعاملة، إلخ…

– ما الأصعب التمثيل أم الإخراج؟

بالنسبة إليّ الإخراج هو الأصعب، لأنّ المخرج هو الـBoss  ويجب تحمّل مسؤولية الفريق بأكمله من ألف إلى ياء… أما الممثل فمسؤوليته هو دوره فقط، ولكن في الوقت نفسه على الممثل أن يعمل جاهدًا لإتقان التمثيل وأن يعطي من نفسه ويعيش الدور كما يجب والتأثر بالشخصية التي يؤديها. فالتمثيل ليس تسميع درس بل اقتباس شخصيّة.

– ما الدور الذي تفضلين تأديته؟ هل هو الدرو الكوميدي أم الرومانسي إلخ؟

مثلتُ أدوارًا دراميّة كثيرة، وقد أعطيتُ انطباعًا جديّا وأحيانًا شريرًا في بعض الأدوار… أرغبُ حاليًا أن أخوض التمثيل بصورة مختلفة ليرى المشاهد الجانب “المضحك” في شخصيتي… أحبّ الأدوار التي فيها تحدّ لنفسي، أي الأدوار التي لا ترتكز فقط على الظهور وإنما على ثقل الدور بحدّ عينه وأهميّته… مثلا تمثيل دور مريض نفسي يحتاج إلى جهد كبير وتحدّ مع الذات لإيصال الصورة الحقيقية للشخصية التي يتمّ لعب دورها.

– ما رأيك بموجة الجميلات اللواتي يقتحمن عالم التمثيل من دون أن يكون لديهنّ الخبرة أو حتى التحصيل العلمي في هذا المجال من معهد الفنون؟ 

هناك موجة الإعتماد على وجوه معروفة لديها الكثير من الـfans  لاستقطاب المشاهدين. لا أعلم لما يتمّ الإعتماد على الجمال في الوقت الذي نرى فيه ممثلات بارعات على المسرح وفي عالم التمثيل لا يحصلن على أدوار بطولة…   قد نختلف في العالم العربي حيث نرى إحترافية أكبر من خلال إعطاء أهميّة لمعاهد الفنون وضخامة الإنتاج، في حين أننا في لبنان لا نعطي هذا الأمر الأهمية نفسها… إلا أنهّ يمكن القول إنّ النجاح في عالم التمثيل يحتاج إلى الجديّة وليس فقط إلى حبّ الظهور، والمشاهد ذكي ليلاحظ مدى جديّة الممثل.

– ما هو جديدك؟ ما مشاريعك المستقبلية؟

حاليًا أصوّر كليبات جديدة ومنها لنورهان واسم الأغنية “بنت بلد”، وتصوير في تونس ليسرى محنوش، وتصوير كليبين لفنانين فرنسيين. كما أنني أنتج حاليًا مسلسل بفكرة جديدة اسمه “مجنون فيكي” بطولة رولى سعد ويوري مرقدي والمسلسل يتناول عالم الموضة وقصة حبّ ودراما وكليبات في آنٍ معًا، وهو من كتابة فراس جبران وإنتاج New Look Production وسيتمّ بثه عبر شاشة الـLBCI .

– إضافة إلى الإخراج والتمثيل، هل لديك تجربة فنيّة من نوع آخر؟

لديّ موهبة رسم لوحات فنيّة، ولكنني أحتفظ بتلك الأعمال لنفسي ولم أفكّر يومَا بنشرها… كذلك، أحبّ الغناء وقد سجلتُ منذ 7 سنوات أغنية باللغة الفرنسية يتداخلها بعض العبارات باللغة العربية… وأفكر بنشرها، بناء على نصائح المقربين مني الذين أعجبتهم عندما سمعوها. لا أفكر بالتعدي على مهنة أحد، ولكن أرغب في التعبير عن نفسي بتصوير فيديو كليب للأغنية، أوصل من خلاله رسالة عن المرأة، لم أستطع إيصالها مع فنانة أخرى…

– هل من الممكن أن نسمع لكِ أغنية باللغة الإسبانية؟

لم لا؟ قد تكون أغنية باللغتين الفرنسية والإسبانية معًا.

– هل لديك حبّ للكتابة؟

أحبّ الكتابة باللغة الفرنسية ولديّ مخيّلة واسعة إذ قد سبق لي أن كتبتُ وصفًا عن النفايات بأسلوب جدًا مختلف أثار تساؤلات المقربين مني عما كتبته… إلا أنّ هذه الكتابات هي فقط من أجل نفسي وإرضاء لذاتي وليست من أجل النشر…

– ما رأيك بفكرة العالمية التي يطمح إليها المشاهير؟

عشتُ عمري في الخارج، ولا أرى “العالمية” هو حلم. يمكن الوصول في أي مكان حول العالم، ولكن يشترط لذلك أن يفرض الفرد نفسه فقط. ننظر إلى الخارج وكأنه حلم، في حين أننا يمكننا أن نكون أفضل. لدينا مشكلة قلّة الثقة بالذات، وإنتقادات مستمرّة لبعضنا فقط من أجل الإنتقاد. المطلوب هو العمل على النجاح وإيجاد الحلول بدلا من الإنتقاد فقط من أجل الإنتقاد.

– كلمة أخيرة…

بعد خبرة 20 عاما في مجال الإخراج والتمثيل، أنصح المتخرجين الجدد الذين سيدخلون هذا العالم بمعرفة ما يحتاجونه في الحياة والمثابرة. كما أنني أنصح كلّ امرأة أن تحقق التوازن في حياتها، وألا تضحي بجانب من أجل آخر، فليس ما يمنع المرأة أن تتزوج وتكوّن عائلتها ولكن في الوقت نفسه أن تحقق طموحاتها المهنيّة، كي لا تندم…

Related Articles