إنّ غنى الفطور التقليدي في العديد من البلدان بالسكريات ليس وليد الصدفة . وبالرغم من التشكيلة التي قد تكون مختلفة، تبقى النقطة المشتركة هي احتواء الفطور على ما يكفي من “الوقود” لعمل الدماغ خلال فترة الصباح.
وفيما السكريات والدهون وقود قابلة للتبادل بالنسبة إلى العديد من الأعضاء (أي أنّ الأعضاء تستخدم الواحدة أو الأخرى من دون تمييز)، يتمنّع الجهاز العصبي ولا يبقل سوى السكريات.
وفي الصباح، وبعد ليلة من النوم، يكون الجسم قد استنفد احتياطي السكر الموجود في الكبد. وبالتالي، فمهمّة الفطور هي ردّ حاجة الدماغ من السكر وتجهيز احتياطي جديد… يُستلك خلال الليلة التالية.
إلى ذلك، لا يُمكن أن يشعر جسدنا بالجوع في نصف الساعة التي تلي استيقاظنا من النوم، لذلك، ننصح بالإستحمام قبل البدء بتحضير الفطور.
فالشهية تُفتح ببطء، حتى لدى الأشخاص الذين يرفضون أي طعام عند الصباح. ننصح بجعل الفترة التي تفصل بين النوم والخروج لمواجهة العالم “واحة” من الهدوء والطمأنينة. كذلك، ننصح بتجنّب مشاهدة التلفزيون أو الإستماع إلى “الراديو” أو النقاشات العدائية خلال هذه الفترة.
السكريات صديقة أم عدوّة؟
تزوّد السكريات، عند هضمها وامتصاصها، الجسم بالـ”غلوكوز” هو السكر الوحيد الذي يتقبله الدماغ. يدخل الدماغ في الدورة الدموية ويُنشط إفراز “الانسولين”، هذا الهرمون الذي يفرزه “البانكرياس” والذي يُعتبر ضروريا كي يدخل “الغلوكوز” إلى الخلايا. أما الفائض من السكر فيكدّسه “الانسولين” في الخلايا الدهنية على شكل دهون.
يؤدي وصول “الغلوكوز” السريع إلى الدم (الناتج عن السكريات “السريعة الإحتراق الموجودة في الطعام” إلى إفراز “الانسولين” بكمية كبيرة كي يتدبر أمر هذا الدفق على أفضل وجه. يرسل “الانسولين” السكر سريعا إلى أنحاء الجسم كافة حيث يتمّ استهلاكه في وقت قياسي. وبما ان “الغلوكوز” يُستهلك سريعًا، يظهر الجوع مجددا وبسرعة لأنّ الخلايا العصبية تجوع مجددا. وبالتالي، نلجأ مجددا إلى السكر السريع الإحتراق.
ولكثرة ما يُفرز “البانكرياس” “الانسولين”، يتعب ويقلّ إفرازه لهذه المادة، هكذا يبقى السكر في الدم بكميات كبيرة جدا من دون أن يتمكن من الدخول إلى الخلايا بشكل فعال. وبعد سنوات عديدة، قد يؤدي سوء استخدام السكر هذا إلى الإصابة بداء السكري.
من جهة أخرى، إذا وصل “الغلوكوز” ببطء إلى الدم (بفعل الأطعمة الغنية بالسكريات “البطيئة الإحتراق”)، فإنّ إفراز “الانسولين” يكون معتدلا. يستخدم الدماغ “الغلوكوز” بالطبع، أما باقي الجسم فيأخذ حاجته من “الغلوكوز”. وإن لم يكن هذا كافيًا، استخدم احتياطه من الدهون التي تطلقها الخلايا الدهنية.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم يشتمل الفطور على ما يكفي من السكريات البطيئة الإحتراق، فإنّ “الإحساس بالتعب” عند الساعة الحادية عشرة أمر لا مفرّ منه. لذلك، يجب إعتماد العادات الحسنة منذ الصباح، فإن كان فطورك مثاليا فسيكون باقي النهار على غراره. ليكن الفطور غنيًا بالألياف، التي يُمكن أن نجدها في كافة الأطعمة النباتية “الخام” (غير المكررة، غير المعصورة) ولا نجدها في أي مادة غذائية ذات أصل حيواني (من نوع مشتقات الحليب). وهذا يعني أنّ الفطور يجب أن يتضمن عمليًا: فاكهة طازجة (وليس عصيرًا)، مكسرات (لوز، جوز، بندق، إلخ) خبز قمح كامل أو خبز حبوب أخرى كاملة، منتجة محضرة من الحبوب الكاملة.