وصفات جمالية سحرية. كلّها طبيعية. تتباهى بها الصبايا. يتذكرن بها جداتهن. يتأكدن من فعاليتها من خلال النتائج التي حصدتها وجوه غزتها التجاعيد ولما زالت نظرة، صافية، وناعمة. وصفات تناقلتها الألسن من جيل الى جيل، عبر الزمن، ووصلت الى كلّ دار في كلّ مكان، حتى أصبحت وصفات تتغنّى بها الجدّات. واليوم، وبالرغم من التقدّم في الطبّ الحديث وفي ظلّ انتشار مستحضرات التجميل المصنّعة في أهمّ المختبرات العالمية ومحلات العطورات والصيدليات، عادت وصفات الجدّات تلقى رواجًا في حياة الشابات لأسباب متنوّعة الا أنها قد تكون العامل الأقوى في عودة الجيل الجديد الى مستحضرات التجميل الطبيعية أو ما تعرف “بالمنزلية الصنع”.
– سحر “تيتا”
“فرضت سرعة الحياة الموّاد المعلّبة الغنية بالموّاد الحافظة والكيميائية حتى في الأطعمة التي غالبا ما تكون جاهزة وسريعة التطبيق. وأصبحت المنتجات الطبيعية شبه منقرضة عن لائحة الأطعمة والمستحضرات على أنواعها. ما دفع عددًا من الجيل الحالي الى اللجوء الى وصفات الجدّات”، تقول الأخصائية في الأعشاب الطبيعية السيدة لويزا عكّاري. وتستدرك مضيفة: “طبعاً نتيجة المواد الطبيعية أهمّ بكثير من تلك المصنعة لذلك تلجأ الشابات اليها دون سواها”.
وتؤكّد على الموضوع، الجدّة جنوفياف الحايك بقولها: “إنّ الجيل الجديد مهتمّ بالمستحضرات الطبيعية لامتيازها بكونها وصفات بسيطة، أثبتت فعاليّتها جيلا بعد جيل”. تعطي مثلاً: “عندما أشتري قناع تجميل تجاري محضّر من الأفوكادو مثلاً، لا أحصل إلا على نسبة ضئيلة من الثمرة والباقي صناعي. في المقابل إذا قمت أنا بهرس لبّ الفاكهة وأضفت اليها ملعقة من القشدة الطازجة أو الكريم “الفريش” ونصف ليمونة سيكون قناعاً صحياً ومغذياً جداً والأهم خالياً من الكيماويات”. هذا إضافة الى كونها وصفات آمنة الاستعمال، وليس لها أيّ آثار جانبية. تتذكر الحايك بداية مشوارها مع الطبيعة عندما تعلمت “الشغلة” من والدتها بدورها. تقول: “إستخدمتها والدتي، تعلّمتها منها وما لبثت أن سلكت الطريق نفسه”.
كما أنه لغلاء المعيشة، سبب إضافي لهذه النقلة النوعية في التوجه نحو المستحضرات الطبيعية الصحية. “الطبيعية تدخل في خانة الأكثر صحّيّة وأماناً من تلك النتجات المجهولة المصدر”، تؤكد أخصائية الأعشاب.
في هذا السياق، لدارين، شابة في العشرينات، نفس الرأي فهي كانت تعاني من كثرة البثور في وجهها عندما كانت في سن المراهقة. تتذكر حالها: “سئمت من إستخدام الغسول المتوفّر في الأسواق والكريمات التجارية. فلجأت الى نصيحة جدّتي واستشرتها بالطرق المساهمة في محافظتها على بشرتها. ورحت أستخدم شرائح من الحامض لأفرك بها وجهي ذات البشرة الدهنية. كما أصبح زيت اللفندر، أساسا في تنظيف وجهي خصوصا وأنّه مطهّر قويّ ومتميّز برائحته الزكيّة”. نتيجة فعالة وذهبية حصلت عليها دارين والفضل كله يعود الى الـ”تيتا” على حد قولها.
– العسل.. “مش للأكل”
وبالعودة الى الجدّة جونفياف، التي تعدّت السبعينات، وما زالت تحافظ على بشرة مميّزة، إعتراف عن السبب الأساس في ذلك، وتأكيد على كلام الشابة دارين في أهمّيّة الليمون الحامض. هي اعتادت فرك وجهها بالمشمش أو الدّرّاق أو اية فاكهة امتاز بها الموسم، لتنكب بعدها على أعمالها المنزلية تاركة للفاكهة ان تقوم بدورها خلال اليوم. وتقول: “الليمون الحلو والحامض فعال جدّا في الحفاظ على رونقة البشرة لاحتوائه على الأسيد الطبيعيّ. وعند استعمالها يصبح الوجه مثل البلّورة”. وتجدر الإشارة الى أهمّيّة الليمون الحامض في تلميع الأظافر وإزالة آثار الصبغة عنها. ولأنّ الجدّة، تحبّ الجمال، كان لا بدّ من الحفاظ على نظرة العينين الصحية، لأنّه بنظرها “العين والحاجب يقومان بالواجب”. ولهذا كانت تلجأ الى مطبخها لتحضير بعض الأمور المفيدة. “بعد الإنتهاء من العمل المنزلي، كنت أزيل الفاكهة عن وجهي بغسله بصابون الغار المعروف بفوائده في تنقية البشرة، ثمّ أستلقي مسترخية واضعة شرحات من الخيار على العينين لترطيبهما أو من البطاطا لازالة الهالات السوداء، علامات التعب”.
لا تتوقف الـ “تيتا” عند هذه الأمور، الجمال بالنسبة إليها يستحق العناء، وكل مكوّنات الطبيعة مباحة الإستعمال فداء للنضارة. قليل من زيت الخروع على الحاجبين من أجل تكثيفهما وتطويلهما. وتؤكد الـ”تيتا” أنها لم ولن تلجأ الى أي منتج صناعي طالما أن “صديقتها” الطبيعة تقوم بالواجب وأكثر. فهي لطالما استخدمت “ماسكات” اللبن لتنقية الوجه والعسل ايضاً.
تؤكد الجدة على نظريتها بالروايات التاريخية، تعطي كليوبترا مثالاً، حيث كانت تستحم بالعسل والحليب لتضفي على بشرتها ملمساً ناعماً كالحرير. وتضيف بوبي، زوجة الامبراطور الروماني نيرون إلى اللائحة، وتقول: “كانت تدهن وجهها بالعسل والحليب لتحافظ على شبابه الدائم. والملكة مارغو، الزوجة الأولى للملك هنري الرابع، التي كانت تقوم بالأمر ذاته يوميًا للمحافظة على لون وجنتيها الورديّ. فالعسل قادر على شدّ البشرة وتغذيتها وتنقيتها وتسريع تجدّد خلاياها”.
– الزيت ثم الزيت
وعن مستحضرات إزالة الماكياج، نسأل الـ”تيتا” جنوفياف، لتجيب فوراً أنها لم تشتر يوماً “الديماكيان”، والزيوت كانت البديل الأول الذي يقوم بالواجب و”زيادة”. تشرح: “كنت أبلّل قطعة من القطنة بالماء ثمّ أضع نقاطا من زيت الزيتون لأمسح وجهي بها. وأحيانا، كان يكفي أن أبلّل أطراف أصابعي بزيت الزيتون لتدليك الوجه والجلد، طريقة لأحارب فيها الشيخوخة”. وتنصح الجدّة جونفياف بناتها وحتى أحفادها باللجوء الى المطبخ من أجل الحفاظ على شبابهنّ، حتى من أجل في الحفاظ على صحّة شعرهنّ من خلال استخدام زيت الزيتون لإضفاء اللمعان والتخلّص من تقصيف الأطراف.
وتوافقها الرأي أخصائية الأعشاب لويزا عكاري، التي تنصح باللجوء الى الطبيعة، “وضع البابونج، أثناء الغسلة الأخيرة للشعر خلال الاستحمام، يحافظ على لون الشعر الأشقر، والكاري يحافظ على لون الشعر الأحمر، والشاي على الشعر الأسود”. وتضيف عكاري:”كانت جدّتي وأمّي تستخدمان الموادّ الطبيعية من دون اللجوء الى مستحضرات السوق. كنت حينها صغيرة، ولم أكتشف أهمّيّة الموضوع الى ان عملت بالمهنة، حتى أنني صرت ضليعة بتركيب الكريمات والأقنعة الطبيعية المختلفة الخاصة بالعينين والبشرة والهالات السوداء والتجاعيد والترهّل أو وبكلّ بساطة لتغذية البشرة وحمايتها من العوامل الخارجية والشمس خصوصا في فصل الصّيف”. وتستفيض عكاوي في الشرح لتنتقل الى ماء الورد، الذي تعتبره “التونيك” الأمثل للحفاظ على بشرتها، وماسك النخالة مع العسل. وللأطفال حصة في هذا الموضوع أيضاً، حيث تنصح باستخدام ماء الريحان أثناء الاستحمام من أجل الحفاظ على نظافتهم”. وتنهي عكاوي كلامها بالتأكيد على أنه “إن لم تنفعك الطبيعة في أسوأ الاحوال، فإنها لن تضرك حتماً”.