1.5K
الطرب لغة أنيقة، توصل الكلمات بألحان راقية… العمود الفقري للموسيقى العربية، تُعبّر عن حالة روحانية وجسدية فيها الكثير من الإنسجام التامّ لدى المستمع عند تذوّقه مجد ألحان الآلات الموسيقية والكلمات الرنانة بصوت مطرب أصيل…
ولكن، وسط “عاصفة” الأغنية الحديثة والتجارية التي تهبّ عبر الإعلام، أصبح الطرب الأصيل يتخبّط وينازع… إلا أنه كشجرة السنديان يتمسك بجذوره في تربة أرض الوطن رافضًا الإستسلام لإقتلاعه عن قواعده وأصوله وقيمته التراثية… نعم، ما زال هناك البعض القليل من المطربين الذين يحاولون الحفاظ والإلتزام بتقديم أسلوب الأغنية العربية الطربية المتكاملة والمتقنة…
فالإعلام لم يرحم لا الطرب ولا تراثه، ولا حتى أذن المستمع… في ليلة وضحاها، يصعد “نجم” فجأة من دون أي سابق إنذار، ويتوّج “فنانًا”…. فيصبح المستمع المغلوب على أمره خاضعًا لمشيئة “القدر” حتى ولو كان عالمًا أنّ ما يسمعه كارثيًا وإجحافًا في حقّ أصحاب “الصوت الذهبي”… “لم تكن أم كلثوم جميلة ولكن كان لها صوتًا وأعمالا تحثّ الناس على سماعها… الوضع الحالي تغيّر، وأصبح الجمال الخارجي وإرتداء الثياب والأكسسوارات كلها تلعب دورًا كبيرًا…. صحيح أنّ الفنانات اللواتي هنّ من دون أي مستوى فنيّ، يصلن لأنهنّ مدعومات ماديًا، ومشهورات، ولكن يبقى رأي الموسيقيين والناس الذين لهم أذن موسيقية يعلمون أنّهنّ لسن فنانات… للأسف، الضخّ الإعلامي هو الذي يخلق النجمات وليست الموهبة الحقيقية”، هذا ما تقوله المطربة سولاي التي تحمّل الإعلام مسؤولية ما وصل إليه اليوم المستوى الفني من تدهورٍ.
سولاي، مطربة الفنّ الأصيل والتراث، هي قبل كلّ شيء أمّ، ضحّت كثيرًا من حياتها الفنية فداء الأمومة… ولكنها اليوم قادرة على التنسيق بين حياتها الفنية والعائلية…
هذا ما قالته سولاي لـFeminine Spirit
– سولاي، حضرتك مطربة وتتطلّعين إلى الفنّ الأصيل فقط… مَن الذينَ شجَّعوكِ في بداياتِكِ الأولى؟
عشقي للفن الأصيل أمر لا بدّ منه ولكن، طبعًا، معاصرة الجيل الجديد ضروري. والدي هو الشخص الأول الذي شجعني في بداياتي.
– ما سبب عشقك للطرب الأصيل في زمن قلّ فيه الاستماع إلى هذا النوع من الفنّ؟
عشقي للأصالة سببه “الكلمة واللحن” لأنهما “يلامسان” الروح قبل القلب. كما أنّ الأعمال القديمة كانت تدرس جيدًا، إذ كان يُستغرق لإنجاز أغنية فترة تمتدّ بين ثلاثة أشهر وسنة، خلافًا لما يحصل اليوم، إذ ينتهي العمل على الأغنية خلال ثلاثة أيام… (تضحك).
أعشق التراث لما يحمل من معان وصدق وجمال نفتقده اليوم، وقد ترعرعت في عائلة حيث والدي يعشق الفن الأصيل وتحتوي مكتبته الموسيقة على عدد هائل لكبار المطربين بداية بالعملاق فريد الأطرش واسمهان وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وناظم الغزالي كما أنه كان يعزف على آله الربابة وقد دربني على نغماتها… وكان يُسمعنا أجمل القصائد بصوته الجميل، فيجمعنا وينظم لنا أجمل السهرات برفقة أخي نمر الذي كان يتقن عزف العود ويمتلك صوتًا قويًّا وجميلا، وأخي فهد الذي يتقن آلة الإيقاع…
– نلاحظ أنّ التراث يأخذ القسط الأكبر في أغانيك، ما علاقة ذلك بالفنّ عمومًا وبالغناء خصوصًا؟
لا أعتقد أنّ هناك فنانًا يجهل قيمة أغاني التراث… يجب أن نميّز بين الفنان والمتسلّق، إذ إنّ الفنان الحقيقي هو من يشعر بجمال الفنّ منذ صغره ويبحث دائما بشغف بين مكتبات الموسيقى القديمة والحديثة عن أجمل الأعمال ليستخلص منها اللون الذي يناسبه حتى يسلك طريقه الفني بنجاح.
– ألا تعتقدين أنّ الأغنية العربية تُعاني من جهل الفنان للتراث؟ من المسؤول برأيك؟ نرى أنّ العديد من النقاد يعتبر أنّ تراجع الأغنية العربية لناحية الطرب سببه انعدام الذوق الفني لدى الجمهور… أم هناك أسباب أخرى وراء هذا التراجع؟
المسؤول الوحيد هو إعلامنا الذي اتجه اتجاهًا تجاريًّا نحو كل ما يفيده ماديًا…
برأي، الجمهور لم ينعدم ذوقه الفني؛ إنما الإعلام هو من يعمل على جعل المستمع يعتاد على أمرٍ معيّن حتى لو كان لا يحبه… فيُضخّ العمل الفنيّ على آذانٍ المستمع المسكين… وهذا الأمر نراه بكثرة خصوصًا في عصرنا ووسط أزمتنا التي تشمل وطننا العربي الذي يُذبح من الألم… ولو بحثنا في داخل المستمع لوجدناه متذمرًا من هول ما يسمع…
– حضرتك، أمّ وفنانة… كيف تقومين بالتنسيق بين هذه الأدوار معًا؟
أنا أمّ بكلّ معنى الكلمة… كرست حياتي ووقتي لرعاية أفراد أسرتي، ولو تخلّيتُ عن عواطفي وحبّ الأمومة لديّ، لكنت الآن في وضع أحسد عليه فنيًا…
باختصار شديد، سولاي لايمكنها التخلي عن واجباتها كأمّ …
– مع مَن مِنَ الملحِّنين وكُتَّابِ الكلمات تعاملتِ؟
تعاملتُ مع العديد من الشعراء ومنهم عيسى فضى، نظمي عبد العزيز، غسان فرحات، فضل الله مفيد غانم، ابراهيم الدرواني، وعاطف ابو رحمه، راضي علي الطنطاوي، ونزار بندجي…وملحنين مثل فوزي عليوي، ماجد زين العابدين، هشام الصوفي، نزار بندقجي، وكمال بلان، وأخيرًا مع الفنان الرائع زياد الأطرش.
– هل شاركتي في حفلات ومهرجانات؟
نعم، شاركتُ في حفلات عديدة وهي قومية وطنية، وحصلت على أكثر من شهادة تكريم، كما شاركتُ بمهرجانات كبرى مثل مهرجان الأغنية السورية.
– برأيك، ما الشروط التي يجبُ توافرها في المطرب حتى ينجحَ ويحققَ الشهرة ؟
(تضحك)… يعتمد نجاح المطرب على وضعه المادي أولا وأخيرًا .
– نرى أنّ الجيل الجديد ينجذب إلى الأغاني التجارية… ما رأيكِ بوضع الفنّ الطربي؟ وهل ما زال هناك إقبال على الطرب بالرغم من موجة الفنّ “التجاري” إن جاز التعبير؟
الإعلام هو الذي يدفع الجيل الجديد للإنجذاب إلى الأغاني التجارية “رغمًا عن أنفه”… ما زال هناك من يحبّ الفنّ الطربي ولكن عدده قليل.
– هل الجمال الخارجي لهُ دورٌ في نجاح وتألُّق وشهرةِ الفنان والمطرب؟ ما رأيكِ بالفنانات الجميلات اللواتي يدخلن إلى عالم الفنّ من دون أن يكون لديهنّ أدنى مستوى فنيّ؟
الشكل الخارجي والـPrestige يلعب دورًا كبيرًا في نجاح وتألّق وشهرة الفنان، ولا يُمكن نكران هذه الحقيقة. والجمال مرغوب أكثر عند النساء من الرجال… لم تكن أم كلثوم جميلة ولكن كان لها صوتًا وأعمالا تحثّ الناس على سماعها، ولكن الوضع الحالي تغيّر، وأصبح الجمال الخارجي وإرتداء الثياب والأكسسوارات كلها تلعب دورًا كبيرًا.
وبالنسبة إلى الفنانات الجميلات اللواتي يدخلن إلى عالم الفنّ من دون أن يكون لديهنّ أدنى مستوى فني، فإنهنّ مدعومات ماديًا، ومشهورات، ولكن يبقى رأي الموسيقيين والناس الذين لهم أذن موسيقية، يعلمون أنّهنّ لسن فنانات… للأسف، الضخّ الإعلامي هو الذي يخلق النجمات وليست الموهبة الحقيقية.
https://www.youtube.com/watch?v=2zJnZX2Ad6w
– ما رأيك في المستوى الفني الغنائي حاليًا؟ ما تصوّرك لمستقبل الأغنية العربية ؟
المستوى الفني الغنائي حاليًا في تدهور، والوضع سيء. ما زال هناك البعض الذي يحرص على الأغنية العربية والأصالة والكلمة واللحن والصوت الجميل… ولكن، الأكثرية اليوم، في اتجاه نحو الأغنية التجارية.
– نرى أنّ كثيرات من المغنيات يتجهن إلى التمثيل…هل تفكرين في خوض هذه التجربة؟
صحيح، نرى كثيرات من المغنيات يتجهن إلى التمثيل… وشخصيًا، أشعر أنني قادرة على خوض هذه التجربة.
– بعيدًا عن الفنّ، ما هواياتك المفضّلة؟ كيف تقضين أوقات فراغك؟
أحبّ الرسم وأستمتع كثيرًا في الجلوس على شاطئ البحر. أحبّ القراءة والإطلاع… أحبّ كتابة الشعر.
– ما طموحاتك ومشاريعك المستقبلية ؟
أتمنى أن تنتهي الحرب ويعمّ السلام في الشرق الأوسط… والأمور المادية تتحسن مع انتهاء الأزمة في الوطن العربي.
– أين ترين نفسك بعد عشر سنوات… ما الأحلام التي تتمنين تحقيقيها؟
أحبّ أن أكون نجمة بمستوى عالمي كما أحبّ أن أكون مذيعة.
– كلمة أخيرة…
شكرًا لموقع Feminine Spirit على المقابلة…