الطفل هو مرآة شفافة وواضحة تعكس تصرفات الأهل واحترامهم وكلامهم فتتكون شخصيته…
الأهل هم المثل الأعلى للطفل، لذلك عليهم التصرف بثقة أمامه كي يعزز هذا المفهوم عنده؛ أي أنّ الثقة بالنفس لديه تعتمد على الأشخاص المحيطين به وهي وليدة تصرفات واختيارات وأحداث منذ الطفولة.
تتعزز الثقة عند الطفل بأخذ قرارته بنفسه وتحمّل مسوؤلية اختياراته، والمثال على ذلك: أن تسأليه عمّا يفضل تناوله على الغداء، أو أي لون لملابسه يريد، أو أي قميص يريد أن يرتدي، وما هو اللون الذي يريد أن يطلي به غرفته. كما يمكنه اختيار الهدايا لأصدقائه والقصص والألعاب المفضلة لديه.
أخذ الأهل القرارات عن الطفل تؤذيه وتضعفه في الإعتماد على نفسه، لذلك يجب علينا في أغلب الأحيان أن نُترك له الرأي في أخذ قرارته بنفسه، وإعطائه الفرص لمواجهة المشكلة وحلّها وتشجيعه على عدم الإستسلام والمثابرة ومواجهة أي مشكلة بشجاعة.
تزداد الثقة بالنفس عند الطفل المطوّق بالحب والأمان وبتوجيه الإطراء ومديحه… وهنا، بدورنا كأهل يجب علينا أن ننتبه ونعرف متى يمكننا مدح الطفل في الوقت المناسب، لأنّ كثرة المبالغة في المدح قد تؤذيه أيضا… ويُفضّل الإكثار من عبارات الإستحسان واستخدام جمل تشجيعية، وأهمها:”يمكنك فعل ذلك” فهي من مصلحة الطفل…
كذلك، لا بدّ من إظهار الحب للطفل في كل الأحوال والظروف، في النجاح أو في الفشل، وعدم إحساسه بأنّ مشاعر الأهل قد تغيّرت بسبب فشله في موضوع معيّن… فالوقوف إلى جانبه وحثّه ليتمّم عمله رغم فشله مرات عديدة أمر ضروري، هذا إضافة إلى أهميّة التحدث عنه وخصوصا عن جانبه الإيجابي في المجالس وإلقاء الضوء على مهاراته التي يحب ممارستها لتشجيعه ودعمه نفسيًا.
ولتعزيز ثقته بنفسه، يجب أيضًا إعطاءه مسوؤليات للمساعدة بغض النظر إن كان في المنزل أم في المدرسة وتشجعيه للقيام بالأعمال الطوعية والخيرية، لأنه سيدرك أنه فعال ومشارك في المجتمع الذي يعيش فيه، كما أنه ستتعزز ثقته بنفسه أكثر عند حصوله على مكافأة عند إتمام عمله.
في هذا السياق، إنّ أهمّ دور للأهل هو مصارحة الطفل وإعطاءه وقت مخصص له لمحادثته ومحاورته في كل التفاصيل بطريقة إيجابية ولمعرفة ما يجول في خاطره من أفكار وإرشاده عما هو صحيح وما هو خاطيء وإبعاد مشاعر العصبية والغضب أو الخوف والترهيب .
وإجابة الأهل على كل الأسئلة التي يطرحها في أي مكان أو زمان، هو تعزيز لثقته…. في حين أنّ إجابة الأسئلة مهما كانت محرجة وعدم الهروب منها بالجملة المتداولة التي يستخدمها معظم الأهل وهي “عندما تكبر سنخبرك والآن أنت صغير”، فإنه جواب يكون فيه الأهل قد قللوا من قدره فزعزعت ثقته بنفسه.
تتعزز ثقته بالنفس عندما تساعدين طفلك على كسب الصداقات وتمنحيه فرصة لتكوين علاقات مع من هم من جيله، وتشجعيه على اللعب الجماعي مع أطفال آخرين؛ و من الأفضل عدم التدخل إلا عند الضرورة واحترام خصوصياته وعدم أخذ أشيائه من دون استئذانه.
كما أنه عليك الإبتعاد عن المقارنة بينه وبين أخيه أو رفيقه، فلكلّ طفل صفات مميزة ليست موجودة لدى الآخر.
إنّ أهميّة الثقة بالنفس عند الطفل، هو ما تبعثه من شعور بالسعادة والإطمئنان الداخلي الذي يصل إلى مرحلة التقدير الذاتي، فيواجه العقبات بوعي وحذر غير مبالغ فيه، فيحبّ ويعبّر عن مشاعره ولا يهتم لمن يرى فيه عيوبًا… فلا ينزوي ولا يكون إنطوائي…