الكذب ليس مجرّد “أمر غير أخلاقي”، بل تدخل فيه عوامل فيسيولوجية ومواقف إنسانية معقدة.
وقد أظهرت اختبارات أجريت عبر التصوير بالرنين المغناطيسي بأنّ تدفق الدم في الدماغ يتأثر بقول الأكاذيب، ففي نقطة “التقاطع الجبهي الجداري” من الدماغ يصير النشاط كثيفا أثناء قول أشياء غير حقيقة، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست”.
ويرجح العلماء أن يكون هذا النشاط الكثيف في التقاطع الدماغي ناجمًا عن تردد الشخص الذي يكذب وحيرته بين الإفتراء وقول الحقيقة، ولذلك يرى الباحث في علم الأعصاب، جوشوا غرين، أنّ عمليّة الكذب تستلزم “جهدًا” من الإنسان.
ولكن، هذه العملية ليست إلا وصفًا لما يحصل في دماغ الإنسان، أما الجانب المهم من الكذب فيرتبط بعوامل أخرى مثل التربية التي يتلقاها الإنسان والظروف “الصعبة” التي يواجهها.
وتوضح الدراسة التي أجراها الباحث في علم النفس في جامعة ديوك في ولاية نورث كارولينا، دان أرييلي، أن الإنسان الذي يكذب يصير أكثر عرضة ليكرر الأمر في مرات جديدة، ولذلك فهو يدخل في دوامة خطرة.
ويقول علماء النفس إنّ الناس يبدؤون بالكذب في مرحلة مبكرة من العمر، وفي عمر السنتين تحديدًا، على غرار تطور مهارات مثل المشي والتصرف، لكن الوعي والتربية يجعلان المرء يتوقف عن هذه “العادة السيئة”.
ويكشف البحث عن أنّ الناس يميلون أكثر إلى الكذب في بعض المواقف إذ يقدم الناس على هذا الفعل القبيح حين يعتقدون أنه قد ينطلي على الآخرين، كما أنهم يلجؤون إليه بكثرة حين يجدون أنفسهم في وضع صعب.
وقد أظهرت النتائج أنّ الناس يتحمسون للكذب حين يجدون أنفسهم إزاء أشخاص كاذبين لكنهم يتفادون القيام بالأمر حين تكون ثمة مراقبة تنبههم إلى خطورة انكشاف ما يقولونه من “تفاهات”.