من خلال قراءات الكتب والمراجع التي تعنى بالفلك والأبراج، إنّ عبارات مميزة تخصّ برج العذراء يُمكن ملاحظتها: “إنّ العذراء يستطيع أن يغفو وهو يستمع إلى كلمات الحب” و”إن المرأة العذراء تصلح كي تكون سائقة شاحنة”.
قد يكون الأمر غريبًا لكنه يلقي الضوء على العذراء العاشق كما يراه الآخرون. والعذراء الذي يسمع وصفًا كهذا غالبًا ما يبتسم بسخرية من دون أن يأتي حراكًا ليبدد هذه الصورة.
مولود هذا البرج يعطي اهتمامًا كبيرًا للشؤون الغرامية والجنسية. فهو يخاف من عدم جذب الحبيب ويقلق لأي برودة قد تظهر منه، فالحب عنده لغز عليه اكتشافه ولديه دائمًا مشكلة مع المجهول. أو وليس الحب والجنس لغزان لا نعرف شيئًا عنهما؟ كما كتب القصصي روبيرت موزيل: “إننا لا نعرف شيئًا عن هذه الظاهرة التي باستطاعتها أن تحمل رجلا وامرأة “حضاريين” إلى عالم النشوة وإلى حالة نعتبرها في أوقات عادية أخرى جنونًا حقيقيًا!”
والعذراء يجد نفسه مجنونًا بالغيرة، لذلك يبدو ظاهريًا باردًا جافًا وأبعد ما يكون عن الرومنطيقية يخفي عاطفته واندفاعه ويفلسف مشاعره وتصرفاته بطريقة علمية بحتة، مستندًا إلى الكتب التي قرأها محاولا التقيد بالتعليمات.
عندما يحب من الأعماق يتحرر العذراء من عقد كثيرة؛ فهو كالثور والجدي مولود “أرضي” بالمفهوم الفلكي والمجازي، وحاجاته الجسدية مستعارة غالبًا من إحساس داخلي عميق ومرهف يدفع به لفهم حاجات الإنسان الآخر وهذا ما يتميّز به هذا البرج. فلا أحد كالعذراء يمكن أن يتفهم تطلعات الحبيب ورغباته من دون أن يضطر للشرح.
يقال إنّ العذراء في حاجة لمقدمات طويلة لإثارته ودفعه، قد يكون هذا صحيحًا والسبب عائد من ناحية إلى الخوف المزمن من المجهول والفراغ الذي يلي كل حماسة، فالعلاقات المتأججة ليست شيئًا نستطيع تحديده وحصره والسيطرة عليه، وهي لا تجلب الإستقرار.
وثمّة سبب آخر لهذا البطء الظاهر في الحب عند العذراء، وهو أن مولود هذا البرج عقلاني يفكر كثيرًا قبل أن يتحمّس لإنسان ما، إذ إنه في البداية في حاجة للعطاء المتبادل في العلاقة التي يراها روحانية تبنى على أساسات متينة قبل أن تكون جسدية صرف.
وغالبًا ما يكون للعمل مكان بارز جدًا في حياة العذراء، فهو يبذل نفسه ويعطي من دون حساب من أجل مهنته التي يريد نجاحها بأي ثمن ويطلب بالتالي من الشريك التعاضد والإهتمام وإلا تعب منه بأي ثمن وملّ مهما كان رائعًا وممتعًا. فالعاطفة والغزل لا يكفيان للحفاظ على العذراء. يُذكر أنه بررج محكوم بكوكب عطارد في حاجة لفترات روحانية وللصداقة والمشاكرة والعطاء والتضحية بعيدًا عن المجاملات المزيّفة.
ونظرًا للواقعية التي تتميز بها الأبراج الترابية يجد العذراء صعوبة في إقامة علاقة حبّ عابرة أو ما يسمى “بحب من النظرة الأولى” أو “حب سحابة الصيف”. هو مراقب قوي يحفظ أشياء وأشياء ولن يثق بهذه العواطف العابرة، لا يحب المخاطرة وهو مقتنع أن الحب المفاجئ غالبًا ما يخلف الجروح والضياع. هذا ما يفسّر البرودة والعدائية الغريبتين التي يظهرها العذراء نحو شخص يجذبه من النظرة الأولى وينال إعجابه، إذ إنه عندئذ يشعر بفقدان الثقة تجاهه، وهو أمر لا يستطيع تفسيره عائد إلى الخوف من الإرتباط بالمجهول.
قد تظنّ أنّ العذراء يتعذب كثيرًا من جراء انقطاع علاقة ما…
ولكن عليك أن تفهمه أكثر كي ترى أنّ قلبه لم يتأثر قط. فالعذراء رجلا كان أم امرأة يحتاج لوقت طويل كي يذوب الجليد عن قلبه. قد يغرم، نعم… لكنه يحتاج إلى وقت طويل واهتمامات غير عادية كي يحب فعلا. فهو واقعي يفضل العلاقة المستقرة على تلك المتأججة.
تظهر واقعية العذراء من ذوقه في الثياب والاثاث فهو ينتفي دائمًا النافع والثابت والكلاسيكي وتهمّه الجودة والمتانة والفاعلية.
قد تجد العذراء مرحًا ومحبًا للمزاج بالإضافة إلى تفهمه وحكمته ودفئه الداخلي مما يكسبه رونقًا وجاذبية قويين اما في الحب فهو ما زال فيي طور تعلّم الأبجدية.
إنه لطبيعي عند العذراء كما عندنا جميعًا أن يبحث في شريكه عما يكتبه في داخله؛ ينشد الكمال دومًا وما يخيفه في الحياة هو هذا الانشداد أما الحبّ وقد يخاف كثيرًا الأبراج النارية التي لا تخشى الأهوال والمخاطر. وعندما يلتقي العذراء برجًا ناريًا، يفيق فيه الطفل الراقد، ويحلم بالهرب والتحرر. الواقعية عند مولود هذا البرج تضيع عليه لذة العيش، فالحياة بالنسبة إليه ورشة عمل من أجلها يهمل راحته والمتعة، وهذا أمر مؤسف حقًا.
لماذا نجد غالبًا العذراء ينتقي بالفطرة شريكًا غير مبال، غير مستقرّ، وأنانيًا إلى أبعد حدود؟ ربما لسببين: إما لأنه يتحرر ويشعر بالإتزان مع هذا الشخص الطائش، وإما رغبة منه في تبديل شخصية الآخر الذي ثقة بالنفس كبيرة؛ إلا أنّ العذراء والحال هذه قد يصطدم بأبراج تغدو معها العلاقة عاصفة هوجاء تقتلع كل ما يواجهها في الطريق كالأبراج النارية مثلا التي ترفض انتقاد العذراء الدائم وملاحظاته المزعجة شعلة نار تحترق من حولها.
أما كيف يستطيع العذراء أم يعيش حياة سعيدة؟ عليه أن يحرر الطفل القابع في داخله الذي يريد أن يلعب ويخاطر. وبالتالي، عليه الإعتراف بأن ما هو نافع ليس بالضروري حيويًا وممتعًا! إنّ أحلى ما يجب أن يصبو إليه العذراء هو أن يفقد صوابه قليلا، ففي الميتولوجيا القديمة كانوا يعتبرون المجنون إنسانًا مقدّسًا!