قد يُفكرّ البعض عن الفرق بين الكتابة والأدب، فتختلط المعاني في الأذهان ويظنّ أنّ الكلمتين عبارة عن وجهين لعملة واحدة… فالكاتب قد يكون روائياً أو ناقداً أو ناقلاً للأحداث أو كاتبًا صحفيًا، ولكنّه يحتاج إلى وقت طويل للحصول على لقب أديب… في حين أنّ الأديب يكتب في العديد من المجالات، في كل شيء وفي كل زمان… يكتب في الشعر والأدب والقصص والنقد والدراسة والسيرة الذاتية؛ لغته متقنة، ويحمل من خلال كتاباته رسالة سامية من أجل الإرتقاء بالذوق العام للمجتمع، كاشفًا الغبار عن التراث الأصيل وجمال الفكر الراقي ونبل الأخلاق. إذ على سبيل المثال، أمام عظمة جبران خليل جبران والإبداع الذي ينطق به قلمه، من منا يُمكنه أن ينكر أنه أسمى من أن يلقّب بمجرّد كاتب؟ فهو مثال أعلى للكثير من الأدباء، ومنهم الأديبة الفلسطينية ميّ علّوش، التي استطاعت أن تكتب في مجالات كثيرة، في الشعر والأدب والقصص والبرامج الإعلامية…
علوش، التي تحدّثت باسم جميع النساء، أكدت أنّ الحرية المعطاة للمرأة تكمن في اختيار ما تريده لتحقيق ذاتها في مجالات عديدة، مشيرة إلى أنّه لم يعد أمام المرأة من حواجز وقد تخطت كل الظروف وأصبحت ناجحة بل وأثبتت أنها تستطيع القيام بواجباتها ومسوؤلياتها على أكمل وجه…
هذا ما قالته علوش في حديث إلى موقعنا Feminine Spirit
– حدثينا عن مسيرتك في عالم الكتابة والأدب… متى بدأت تكتبين ومن شجعك؟
أنتمي إلى عائلة حيث جميع أفرادها مفتونون بالأدب والأدباء. اهتمّ بي أخي الأكبر ناجي علوش وأثقل بموهبتي منذ صغري عندما أحس بأني موهوبة؛ فكان يقرأ لي ويُنقّح كل ما أكتب. كان يعرف أوزان الشعر منذ الرابعة عشرة من عمره، لذلك إذا وجد خطأ في قصيدة كتبتها أراني فورًا هذا الخطأ وأعطى كلّ الملاحظات اللازمة، إلى حين أصبحتُ فيه ملمّة بالأوزان…
– بعد تجربتك في كتابة البرامج الإعلامية من جهة وفي الكتابات الأدبية… ما الحقل الذي تفضلينه؟ ماذا تفضلين الكتابة الإعلامية أم الأدبية؟
قرأت قصصًا لشكسبير في الثانية عشر من عمري، وتأثرت بها، وأحببت الكتابات المتعلّقة بالمسرح والكتابات الأدبية. وعلى الرغم من تجربتي في كتابة البرامج الإعلامية، إلا أنني أفضل الكتابة الأدبية لأنني أحب الأدباء وأتأثر بقصصهم.
– ما الصعوبات التي واجهتها خلال مشوارك في عالم الكتابة؟
لم يكن مستحبًا في مجتمعنا أن تكتب المرأة…. بل كان يُساعد الرجل فقط للنجاح…. ولكن، ساعدني أخي الأكبر ودعمني ووجهني نحو النجاح وخفف عني مواجهة المجتمع.
– ما الذي يميّزك عن زملائك في الكتابة؟
ما يميزني عن الآخرين…قراءاتي لساعات طويلة يوميًا واستحضار كل المراجع لذلك… إضافة إلى ذلك، عشت طفولتي في قرية ذات طبيعة خلابة تأثرت بجمالها…و قد ظهر ذلك في كتاباتي الشعرية و الانشائية….و قد احتفظت إحدى راهبات “السان جوزف” في رامالله بدفتري الإنشاء وكانت تقرأ للتلميذات المواضيع حسب المناسبة…
– حضرتك امرأة، زوجة، أمّ وجدّة وأديبة… تركزين على المرأة في كتاباتك… لماذا المرأة؟ ما الصورة التي ترينها فيها؟
لأنني امرأة، أحببت أن أتحدث بإسم جميع النساء…لأن المرأة هي الأم و الأخت والزوجة،هي كل المجتمع …أكتب عنها لتكون صورتها وحقيقتها وروحها واضحة للجميع.
– هل تعتقدين أنّ المرأة في عصرنا الحالي استطاعت أن تحقق ذاتها؟ ألا تعتقدين أن الحرية المعطاة للمرأة رسمت في مكان ما صورة خاطئة لها وأجحفت في حقها أم تعتقدين أن شهامة الرجال اندثرت؟
نعم، حققت المرأة نفسها خصوصًا وأنه في هذا العصر لم يعد هناك من حواجز… لقد تخطت كل الظروف من حولها وأصبحت امرأة ناجحة بل اثبتت أنها تستطيع القيام بواجباتها ومسوؤلياتها على أكمل وجه، كما تقوم بدوران معًا الزوجة والموظفة…
والحرية المعطاة للمرأة تكمن في اختيار ما تريده لتحقيق ذاتها في مجالات عديدة. على سبيل المثال، في مجال الفضاء كانت المرأة حاضرة كفالانتينا الروسية، كذلك الامر في حقل الطب و الهندسة والتعليم، وغيرها من أسماء النساء الكثيرة كالنجوم التي لا تعد و لا تحصى…
– بعيدًا عن عالم النساء، هل سبق لك أن تناولت مواضيع أخرى لا علاقة لها بالمرأة؟
كتبت عن تاريخ مدينة بيروت… أحببت ان أعرف وأتقصى عن مدينة عشقتها وعشت أجمل أيام حياتي فيها وعلّمت عن قيمتها وموقعها المهمّ، إذ كانت أم الشرائع وفيها أهم جامعة وهي جامعة القانون في أيام الرومان… كانت تعلّم الشرائع التي ما زالت موجودة في شرائع العالم حتى يومنا هذا.
كذلك، كتبت عن حصار المدن و ظروف وأسباب حصارها كحصار طروادة.
– ما رأيك اليوم في الكتاب والأدباء؟ ألا تعتقدين أن هناك فوضى في الساحة الأدبية خصوصًا مع وجود ظاهرة من يطبع الكتب وليس كاتبًا؟
الكتاب والأدباء يعطون ثمرة مجهوداتهم الكثيرة في عالمي الثقافة و الأدب. من ينكر مجهودات مخايل نعيمة و اميلي نصرالله و مي زيادة في الأدب؟
– كيف تقيّمين المستوى الفكري والأدبي للجيل الجديد في العالم العربي؟
ثريا ملحس ونازك الملائكة وأحلام مستغانمي قد ظهرت مجهوداتهنّ في أعمالهنّ، وقد بذلن مجهود كبير..
– من هو مثالك الأعلى في عالم الأدب والكتابة؟ هل هناك كاتب تفضلين الإطلاع على أعماله؟
بالنسبة إليّ، إنّ المثل الأعلى في الكتابة هو جبران خليل جبران؛ تأثرت كثيرا بكتاباته وخصوصا تلك المتعلّقة بالمحبة.
– ما النصيحة التي تقدمينها للكتّاب من الجيل الجديد؟
الكتابة تحتاج إلى الكثير من القراءة، والإصرار في القراءة وعدم الكلل والتعب…
– ما الطموحات والمشاريع المستقبلية التي تنوين تحقيقها في المستقبل؟
أهدافي المستقبلية تقتصر في الإقبال على المزيد من العناوين والكتب…لأنني إن لم أكتب أشعر بجفاف روحي كالنبتة التي “لا تشرب” الماء… فالكتابة بالنسبة إليّ هي الحياة…