إضطرت آلاف النساء في الولايات المتحدة إلى التخلي عن أعمالهنّ، والبقاء في منازلهنّ للإعتناء بأولادهنّ، بسبب إستمرار إقفال المدارس جراء “كورونا”. فعلى سبيل المثال، أكدت الوكيلة العقارية أراسيليس بونيت (50 عامًا) من منزلها في أورلاندو بولاية فلوريدا، إنّ “كورونا” أرغمتها على ملازمة منزلها للإعتناء بإبنها، لافتة إلى أنها لو كانت أمّا عزباء، لكانت عاشت حياة تشرد الآن على الأرجح، وموضحة أنّ إبنها آدم البالغ 14 عامًا يعاني طيف التوحد ويحتاج عناية دائمة طيلة النهار، في وضع لا يتلاءم مع مستلزمات مهنتها التي تتطلب الكثير من التفرغ والمرونة.
وفي أفضل الحالات، تعمل بونيت لـ15 ساعة أسبوعيًا في مقابل 35 إلى 40 ساعة في السابق، وقد تراجعت إيراداتها إلى أقل من النصف.
وتقضي “كورونا” على التقدم البطيء الذي أحرزته النساء في العقود الماضية على صعيد المشاركة في سوق العمل. فقد بيّن إستطلاع أجراه المعهد الأميركي للإحصاءات بين الـ16 تموز والـ24 من الشهر نفسه، أنّ 42.4% من البالغين بين سنّ 24 و44 عامًا لا يعملون بسبب مشكلات تتعلق برعاية الأطفال خلال جائحة “كورونا”، غير أنّ نسبة النساء (30.9%) كانت أعلى بأكثر من الضعف مقارنة مع الرجال (11.6%). وفي أيلول، تراجعت نسبة النساء في سن الـ20 عامًا في سوق العمل إلى 56.8% في مقابل 69.9% للرجال.
وقالت كبيرة الخبراء الإقتصاديين في “غرانت ثورنتون” ديان سوونك، إنّ كورونا فاقم مواضيع عدم المساواة بين الجنسين وفي فرق الدخل أيضًا، مشيرة إلى أنّ الخطر الأساس يكمن في توسيع الهوّة بين الجنسين خصوصًا لناحية تولي مواقع المسؤولية في الشركات، إذ إنّ ترك الوظيفة يعني إبطاء مسار التقدم المهني بصورة دائمة.
وأظهرت منشورات صحفية علمية، بينها مجلتا ” نيتشر” (Nature) و”بريتش ميديكل جورنال” (British Medical Journal)، أنّ الباحثات ينشرن عددًا أقلّ من الدراسات مقارنة مع الرجال خلال الأزمة الصحية الراهنة، بسبب اضطرارهنّ لملازمة المنزل لفترات أطول للإهتمام بأطفالهنّ، كما أنّ نسبة اللواتي بدأن بحوثا جديدة في الأشهر الأخيرة أدنى مقارنة مع نظرائهنّ الرجال.
كذلك، يحول النقص في خدمات حضانة الأطفال، أو الفتح الجزئي للمدارس من دون إيجاد النساء اللواتي فقدن وظائفهنّ عملا جديدًا بسرعة.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في “أكسفورد إيكونوميكس” (Oxford Economics) غريغوري داكو، إنّ معاناة النساء مضاعفة في هذا الوضع، فقد أصابت الجائحة بصورة أشد النساء اللواتي كنّ يشغلن وظائف في قطاع الخدمات، وهو الأكثر تضررًا خلال الأزمة، لافتًا إلى أنّ الإحصاءات تظهر أن العودة إلى سوق العمل أبطأ بكثير لدى النساء مقارنة مع الرجال.
بدورها، قالت إحدى النساء ماري بروفيت المقيمة في ليكسينغتون بولاية كنتاكيكا إنّها كانت تعمل في أحد المطاعم قبل صرفها نهاية آذار، وهي تعيش مع إبنها البالغ 12 عامًا، ووالدها ذي السنوات الـ88 المصاب باللوكيميا، مشيرة إلى أنها لا تتوقع أي عودة إلى العمل لأنّ ذلك سيعرضها للإصابة بـ”كورونا”، وهو أمر لا يمكنها تقبله في ظل إفتقارها للتأمين الصحي وعدم تمتعها بحق الحصول على إجازات مرَضية، وفي ظل نقص المناعة لدى والدها.