إنّ عام 2020 لم يكن سهلا فقط على لبنان وإنّما أيضًا على العالم بأسره، إذ من جهة أولى ترافق تفشي “كورونا” المستجد بحالة عامة من القلق والشعور بالتوتر، من إمكانية الإصابة شخصيًا بالفيروس المذكور، أو من إصابة أحد الأشخاص المقربين بالعدوى، ما أدى إلى تعرض النفس والمقربين للعزلة الإجتماعية أو الحجر الصحي. وإبّان ذلك، شعر معظم الأشخاص بالحاجة إلى تلك التّفاعلات الإجتماعيّة والرغبة للتّواصل مع الآخرين، لدحض الشعور بالوحدة وما ينتجُ عنها من أعراض الإكتئاب. ومن جهة ثانية، تفاقمت الأزمة الإقتصادية والمالية لأسباب عديدة وآخرها “كورونا” وتأثيره على خلق عواصف من التوتر زادت حدّتها من جهة ثالثة مع إنفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عنه مقتل العشرات وهدم العديد من المنازل في الأحياء القديمة للعاصمة. كلّ ذلك، كان كافيًا لخلق نقمة شعبية وإنهيارًا للمعنويات والآمال والأحلام بغدٍ أفضل.
جراء الأزمات الإقتصادية والإجتماعية المتسارعة، رأى بعض الأفراد ضرورة إعادة بناء الجسور بين الناس، وخلق التواصل عبر المواقع الإفتراضية، لإعادة حرارة العلاقات الإنسانية التي إنقطعت، وفتح المجال للحوار البناء بدلا من الإنغماس في سلسلة مغلقة من اليأس وفقدان الأمل، وذلك بصورة مدروسة بإشراف أخصائيين ضلعين بعلم النفس لمقاربة المواضيع المقترحة بموضوعية وبأسلوبٍ علمي.
في هذا المنحى، إتجه groups4me.org لإستقطاب كلّ من يرغب في إشراكه تجاربه ومعاناته وأحاسيسه وذلك بإشراف من أصحاب الخبرات ومنهنّ دانيال أيوب التي شددت على أهمية الموقع في لمّ شمل الناس حول العالم من دون أي تفرقة بين الجنس والدين والإنتماء.
هذا ما قالته أيوب لموقعنا kermalouki
– ما هو groups4me.org؟ وهل دانيال أيوب هي المؤسسة الوحيدة لهذا الموقع؟
أسستُ موقع groups4me كوني مدربة تحويلية وإستراتيجية للتسويق الرقمي أي transformational coach and a digital marketing strategist، ومعي الممرضة النفسية المسجلة والمدربة المساعدة في الجامعة الأميركية في بيروت أي Psychiatric Nurse and Associate Instructor at AUB راشيل صباغ.
دانيال أيوب
راشيل صباغ
موقع Groups4Me هي منصة آمنة عبر الإنترنت لكلّ الذين يمرون بتحديات حياتية قد تكون مماثلة عند بعضهم فيتشاركون مخاوفهم وخبراتهم من ضمن مجموعات شاملة وداعمة ومتعاطفة. إنه المنبر الذي يمنح الفرصة لمن يمرّون بنفس التجربة كي يتشاركوها وينصحوا بعضهم البعض.
– ما الهدف من إنشاء هذا الموقع؟
إنّ موقع Groups4me ليس مرتبطًا بموضوع معيّن وإنّما يتناول كلّ ما قد يخطر على بال الناشط لبثّه عبر تلك المنصة. لا يُقدّم الدعم وجهًا لوجه أو من خلال الدردشة إفتراضيًا فقط، وإنّما يفتح المجال لنشر فيديوهات مواقع التواصل الإجتماعي مثل تلك المتعلقة بـ Zoom وSkype و Webex، تسمح للأشخاص بالإستماع إلى بعضهم البعض… وإن رغبوا بالبقاء مجهولي الهوية عبر الموقع فلا مانع.
– إلى أي حدّ أصبحت مشاركة الآخر بمآسي وتجارب سابقة تُشكل حافزًا للآخر كي يتخطى مشكلاته؟ هل يُمكن القول إنّنا أصبحنا في مرحلة منفتحة على الآخر من خلال إستيعاب تجاربه السابقة والتعلّم منها؟
إستندت فكرة إطلاق الموقع إلى ما توصلت إليه العديد من الدراسات التي أكدت أهمية التواصل عبر المواقع، ومشاركة التجارب المشتركة وإقتراح أكثر من حلّ لتحسين نوعية الحياة، فمعظم الأبحاث أظهرت أنّ الدعم المعنوي للأفراد الناشطين عبر المواقع الإفتراضية، من شأنها توثيق التقدم الملموس في العلاج النفسي كالحد من أعراض الإكتئاب والقلق وغيرها من الإضطرابات الصحية والعقلية الأخرى.
– كيف أثر الوضع الحالي لـ”كورونا” على هذه المنصة الإلكترونية؟
في مواجهة الإلتزام بقواعد الحجر الصحي والإقفال العام حول العالم، وجد العديد من الأشخاص أنفسهم معزولين تمامًا عن أحبائهم وشبكاتهم الإجتماعية المعتادة. ففي لبنان، لم يتمكن الأزواج العاملون في الخارج من السفر بإنتظام لرؤية زوجاتهم وأطفالهم وعائلاتهم. كما فقد الكثيرون وظائفهم. في حين إفتقد آخرون عنصر المغامرة والتنشئة الإجتماعية. كل هذه العوامل زادت المشقة على حياتنا اليومية وضغطًا على صحتنا النفسية والعقلية. لذلك، ونتيجة للتباعد الإجتماعي، رأينا ضرورة إنشاء بدائل وطرق إضافية للناس لإبقائهم على إتصال بطريقة فعالة وهادفة.
– هل الموقع يشمل الجميع من كل الجنسيات أم أنّ الهدف منه هو تناول شريحة محددة من الناس؟
يُدار الموقع في برلين حيثُ مكان إقامة أحد المؤسسين حاليًا. ولكن، الإنفتاح على هذا النوع من المواقع مُشجع للغاية على المستوى الدولي؛ إذ نظرًا لتنوّع المواضيع التي يتناولها Groups4me، لا يحصر الموقع نفسه بأي جنسية أو مجموعة ديموغرافية معيّنة. ولكن، بعد إنفجار مرفأ بيروت، حوّلنا التركيز والأولوية إلى لبنان وما زلنا نعتبره المحور الرئيس كونه عزيز على قلوبنا.
– هل مشاركة الآراء وتبادل خبرات وتجارب الحياة بين المشتركين كفيلة لطرح حلولا لمشاكل نفسية قد تكون ربّما خطرة؟ هل الأجوبة على الأسئلة المطروحة من المشتركين في الموقع هي دائمًا من مشتركين آخرين؟ أم هناك أيضًا خطة بإدخال خبراء أو معالجين نفسيين للتوجيه وللإجابة على كل الأسئلة المطروحة؟
يفتح موقع Groups4me للأفراد المجال بمساعدة بعضهم البعض في مواجهة تحدياتهم في الحياة وذلك من خلال مشاركتهم لآرائهم، ولكن بإشراف وسطاء على جلسات الحوار كي يتأكدوا من جهة أنّ الأفراد فهموا بالكامل الموضوع المطروح للمناقشة، ومن جهة أخرى لإعطاء آراءهم بمهنية، هذا إضافة إلى مساعدتهم في إدارة وتوجيه المحادثات بين أفراد المجموعة المشاركة في النقاش الإفتراضي، علّ الجلسات تكون مثمرة ومفيدة بقدر الإمكان.
– ما خطط groups4me.org المستقبلية؟
نُخطط من خلال موقعنا groups4me إلى تحويل المنصة الإفتراضية إلى منظمة غير حكومية هدفها نشر الوعي عن أهميّة الصحة النفسية، وذلك لبناء مجتمعات قادرة على الصمود، لا يشعر ناسها أنهم متروكين لوحدهم في مواجهة مشاكلهم ومكبوتين عن الحديث عما يزعجهم.
كما نرى أهمية إلهام المجتمعات بأن تُصبح أكثر تعاطفًا، ودعمًا لرعاية الآخرين، من أجل حياة يومية أفضل.