ما زالت ماري لوردي بيير جاك تشعر بالإنهيار عندما تتحدث عن إتصال هاتفي سحب البساط من تحت قدميها، بعد أن كانت واحدة من ضمن آلاف العاملين في الفنادق، ولكن تم تسريحهم موقتًا مع بداية تفشي “كورونا”.
وكانت ماري تعتقد أن الإتصال الهاتفي الذي جرى في تشرين الأول مع صاحب العمل كان بهدف مناقشة التأمين الصحي. ولكن بدلا من ذلك، أكدت أنه أخطرها بأن تسريحها من العمل أصبح بشكل دائم، وعليها أن تتقدم بطلب لتوظيف جديد في حال وجود فرص عمل.
وأصيبت بيير جاك (47 عامًا)، التي هاجرت من هايتي قبل 28 عامًا وعملت في فندق بوسط مدينة شيكاغو على مدار الأعوام الثمانية عشرة الماضية، بإكتئاب.
كانت تمضي ساعات طويلة بعيدًا عن ولديها الصغيرين وهي تشق طريقها في الفندق، حيث كانت تعمل خادمة مأدبة بدوام كامل معتبرة أن وظيفتها آمنة. واليوم، ما عادت عائلتها تتمتع بالتأمين الصحي، وهي قلقة من إحتمال ألا تجد عملا مرة أخرى؛ فأصابتها حالة من الذهول بمنزلها في بوليغ بروك، وبعد إصابتها بنوبة هلع تطلبت نقلها إلى المستشفى.
وأضافت:”أبكي لأنني خائفة مما سيحدث بعد ذلك. أقدم الطلبات، ولكن لا يتم إستدعائي للحصول على أي وظيفة”.
وقد تحمّلت النساء العبء الأكبر من فقدان الوظائف خلال تفشي الوباء، حيث تبذل القطاعات التي تمثل فيها النساء الجزء الأكبر من القوة العاملة مثل الضيافة، جهودًا مضنية من أجل التعافي، كما أنّ إستمرار إغلاق المدارس ودور الرعاية النهارية يجعل من الصعب التوفيق بين الأسرة والعمل.
وأدى الوباء إلى إنتكاسة في جهود النساء، خصوصًا النساء ذوات البشرة الداكنة، لشق طريقهنّ إلى وظائف ذات رواتب أعلى.
وشكلت النساء، على الرغم من تسجيلهنّ 47 في المئة من القوة العاملة في الولايات المتحدة العام الماضي، نسبة 55 في المئة ممن خسروا وظائفهم في العام 2020، وفقًا للمشروع الوطني لقانون المرأة. واستمر الخلل حتى كانون الثاني2021.
ووفقًا لبيانات الفيدرالية الصادرة في 5 شباط، فقد نما معدل التوظيف بين الرجال بمقدار 200 ألف وظيفة الشهر الماضي، إلا أنّ هذا المعدل إنخفض بواقع 21 ألفا بين صفوف النساء.
والنساء ذوات البشرة السمراء اللواتي رُجحت تاريخيًا أن يشاركن في القوى العاملة، أكثر من صاحبات البشرة البيضاء.
ووفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل، فقد إنخفض عدد النساء ذوات البشرة السمراء من القوى العاملة بنسبة 4.8 في المئة في كانون الثاني الماضي مقارنة مع العام الماضي، وقياسًا أيضًا بإنخفاض بنسبة 3.1 في المئة للنساء ذوات البشرة البيضاء.
واعتُبرت النساء المهاجرات والأمهات، وخصوصًا ذوات البشرة السمراء، الأكثر تضررًا.
وخلال مواسم الربيع والصيف والخريف من العام الماضي، عانت النساء اللواتي لديهنّ أطفال من إنخفاض كبير في التوظيف مقارنة بالفئات الأخرى، بمن في ذلك الآباء والنساء اللواتي ليس لديهنّ أطفال، وفقا لتقرير صدر الشهر الماضي من بنك الإحتياطي الفيدرالي في شيكاغو. وفقدت الأمهات 190 ألف وظيفة، أي أكثر من أي فئة عمال أخرى، أثناء الوباء.
وكان الإنخفاض في صفوف العمال أو الباحثين عن عمل بشكل أكثر وضوحًا من بين الأمهات السمراوات والعازبات والأمهات اللواتي لم يتجاوز تعليمهنّ مرحلة الثانوية. ويثير هذا قلقًا، حيث إن المجموعات الأكثر تضررًا هي أيضًا تلك التي واجهت وقتًا عصيبًا للعودة إلى العمل.
كما مثلت النساء المهاجرات نسبة ضخمة ممن فقدوا الوظائف في البلاد. وقبل الوباء، كان معدل البطالة لديهنّ مماثلا لمجموعات أخرى، لكنه قفز عندما أغلقت الشركات أبوابها.
في هذا السياق، قالت آشلي جونسون، وهي أم عزباء ذات بشرة سمراء، إنها فقدت العديد من الوظائف عندما واصلت أخذ إجازة بسبب إغلاق الحضانة والمدرسة ولم تتمكن من العثور على أي شخص لرعاية أطفالها. وكانت والدتها، التي تعيش في شقة أسفل شقتها وإعتادت مساعدتها، لكنها تعاني من إصابة في الظهر منذ الخريف وتعتني بها جونسون أيضًا.
في حين رأت المديرة التنفيذية لمؤسسة شيكاغو للنساء، فيليسيا ديفيس، أن أي إنتعاش يجب أن يعالج أوجه الخلل في عدم المساواة الهيكلية التي أدت إلى وضع النساء في مثل هذا الموقف الهش.
وقد تضمن ذلك تحسين الوصول إلى رعاية أطفال جيدة، وبأسعار معقولة ورفع معدلات السداد الحكومية لمراكز الرعاية النهارية حتى لا يعيش الأشخاص الذين يعملون هناك على الهامش.
كما تضمن ذلك تدريب النساء على الوظائف عالية النمو التي يمكن القيام بها عن بعد، مثل الدعم الفني أو مكتب المساعدة، ووضع سياسات تعزز مرونة العمل، والإجازة مدفوعة الأجر، والحماية للعاملين بدوام جزئي، وسد فجوة الدخل والثروة، بحسب ديفيس التي أوضحت أنّ بإمكانهنّ تحمل الضغوط الإقتصادية إذا كان لديهنّ المزيد من المكاسب والمدخرات.
وأقرّ المشروع الوطني لقانون المرأة، بوجود مصدر قلق كبير في ظل إستمرار الوباء والمدة التي سيستغرقها الناس للعودة إلى العمل. وقد توقف ما يقرب من 40 في المئة من النساء اللواتي تمّ تسجيلهنّ كعاطلات عن العمل في كانون الأول لمدة ستة أشهر على الأقل.