للعيون لغة… نعم، إنّ للعيون لغة وليس الأمر موضوع متعلق بالشعراء والأدباء ورسائل العاشقين… لغتها لا تنطق بالحروف والجمل والقواعد… إنّ لغتها تعكس الروح ومكامنها ومشاعرها وعواطفها… من خلالها نرى الحب والعشق والفرح والسعادة والأمل كما نرى من خلالها الحزن والتعاسة والقهر والكسرة… من خلالها نرى روحًا ملائكية كما نرى روحًا خبيثة شريرة، حسودة وحقودة… ومن خلال كل ومضة نكتشف كلامًا غير مقال أو مكبوت…
لغة تحدث عنها علماء كثيرون وأقاموا عليها الكثير من التجارب والأبحاث، علّهم يصلون إلى قواعد معينة ومعيار يتمّ الكشف عنها…
إذ على سبيل المثال، لمعان العيون قد تعني الشعور بالدهشة أو الحب أو الخوف. فاللمعان قد يعني أن المتحدث يخاف من حديثك أو يشعر بالدهشة، أو أبعد من ذلك، قد يشعر ببعض مشاعر الإعجاب بشخصيتك وكلامك وشكلك وأفكارك.
أما في حال كان ينظر إلى عيونك مباشرة فقد يعني من جهة أنه مهتم بالتحدث معك، ينصت إليك بتمعن ويركز على حديثك وأسلوب كلامك. كذلك، من جهة أخرى قد يعني أنه يريد إنهاء الحديث بعد أن يكون قد عبث بتلفونه أو ملفاته أو أدراج مكتبه… فينظر إليك نظرة حازمة مشيرة إلى انتهاء مدة الكلام المعطى لك… كما أنه أحيانًا قد يرافق ذلك تكتيف يديه كدلالة على الانطواء الذاتي وعدم السماح بالتمادي بالكلام ولا إكماله.
أما بالنسبة إلى التحاشي في النظر إليك فقد يعني إما إخفاء أمر عنك، أو الضياع والحيرة في كيفية إيصال الكلمات المناسبة لك، أو بكل بساطة الرهبة تُشكل حاجزًا ومانعًا بين المتحدث والمتلقي… هذا وأنّ تحاشي النظر في بعض الأحيان قد يعني فقدان الاهتمام بالطرف الآخر أو الاستخفاف به وعدم إعطائه أهمية، وصولا إلى حالة الشعور بالكره تجاهه واللامبالاة بكلامه.
في حال تحركت العيون يمينًا وشمالا فهذا يعني أن المتحدث صادق بكلامه ولا يقول سوى الحقيقة… أما في حال رفع النظر إلى الأعلى فهي حركة لاإرادية تعبّر عن الشعور بالحزن والنظر إلى الأعلى ينمّ عن الرغبة في منع الدموع من النزول وتفادي الشعور بالإحراج…
إذًا، بكل بساطة، العيون ليست فقط مجرد عضو من أعضاء الجسد، وإنّما هي مرآة للروح، وأكثر عضو يمكنه أن يُعبّر عما يدور لدى النفس البشري.