12
(1869 – 1896)
لصوتها تأثير كبير وحضور رائع، تغلغل في العقول والقلوب، ودخلها من دون استئذان… صداه استطاع أن يصل إلى ما يريد… عند سماعه، له من الشعور بالنشوة والتأثير في الموجودين جميعًا، باختلاف عقولهم وأذواقهم وثقافتهم، كدليل كبير على جماله انه ذلك هذا الصوت الرائع، بإحساس المتفرد الذي تحمله الحروف والكلمات المنبثقة من حنجرة شابة جميلة فرنسية من طبقة مخملية، سحرت الجمهور بصوتها في القرن التاسع عشر…
حلقتنا اليوم عن “مصاصة دماء الأمازون” تُدعى Camille Monfort…
هيا لنتعرف إليها…
في عام 1896، في الوقت الذي ازدهرت فيه مدينة Belém البرازيلية بفضل تجارة المطاط المزدهرة، وظهرت معه أسطورة من شأنها أن تغيّر المشهد الثقافي للمدينة إلى الأبد. فالثروة المحققة لدى خبراء تجارة المطاط بدّلت في الاقتصاد المحلي، ما سمح لعمال المزارع ببناء قصور كبيرة مصنوعة من مواد أوروبية، وانغمست العائلات في الثراء بتصدير غسيلهم إلى أوروبا واستيراد مياه معدنية من لندن. وفي جوف هذا المجتمع المزدهر، برز theatro da Paz المسرح الذي اعتُبر مركزًا نابضًا بالحياة الثقافية حيث يؤدي الفنانون الأوروبيون أعمالهم لإبهار الجماهير.
ومن بين هؤلاء الفنانين ، برزت Camille Monfort مغنية الأوبرا الفرنسية المذهلة، والتي ولدت في عام 1869 في فرنسا، وكان والدها Henry Monfort ووالدتها Marie Monfort. كان والدها دبلوماسيًا فرنسيًا وقنصلًا عامًا لفرنسا في Belém، في البرازيل. كانت والدتها أرستقراطية فرنسية مرتبطة بالعائلة المالكة في Orléans. من الآمن أن نقول إن Camille تمتعت بتربية مميزة. في عام 1876، انتقلت العائلة إلى البرازيل. وتبع شقيقا Camille الأكبران، لويس وتشارلز، والدهما في العمل الدبلوماسي. كانت الأسرة من الروم الكاثوليك.
لم يُسجل الكثير عن تعليمها، ولكن مع هذا النوع من نمط الحياة، كانت Camille لديها مربية، وكانت تتعلم عن الثقافة البرازيلية وتاريخها. لم تتزوج كاميل قط، وهو أمر مفاجئ، فقد كانت جميلة للغاية، حيث يبلغ طولها 5 أقدام و5 بوصات، وتتمتع بخصر “لائق”. وقد أعجب الكثيرون بروحها الحرة وهالتها “المستقلة”.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذا، عاشت Camille حياة قصيرة، مثيرة للاهتمام ولكنها قصيرة. عاشت كاميل وفقًا لقواعدها الخاصة. كانت حياتها العاطفية “مشهورة” حيث كانت لها علاقات غرامية مع رجال متزوجين، بما في ذلك البارونات والسياسيون والصحافيون والدبلوماسيون. ولا شك أن والدها كان القنصل العام لفرنسا، ما فتح أمام Camille عالمها للقاء العديد من الناس، رجالاً ونساءً. فضلت Camille حياتها في المسرح، حيث كانت مغنية أوبرا بارزة، تجتذب جمهورًا كبيرًا بأدائها.
وقد منحتها هذه المهنة الحرية في عيش أسلوب حياتها الفاخر، على الرغم من عدم تسجيل صافي ثروتها المالية. لا يُعرف الكثير عن Camille، فقد كانت حياتها “مفتوحة” للكثير من التكهنات والغموض. وأصبحت موضوعًا للفتنة والفضول.
وتجعلنا “الحكايات” التي ظهرت على مر السنين نعتقد أن Camille كانت شخصية فريدة ومثيرة للاهتمام. فجمالها إلى جانب جرأتها وتحديها للأعراف الاجتماعية، جعل منها شخصية مثيرة للجدل … فانتشرت حكايات عنها بأنها مغنية أوبرا قوية معتادة على الاستحمام بالشمبانيا. كما روّجت لحكايات بأنها كانت ترقص نصف عارية في الشوارع تحت المطر وتتجوّل في الليل على طول ضفاف نهر ، Rio Juruá مرتدية ثيابًا سوداء ، متدفقة تحت القمر . كانت Camille تتألق في اكتمال القمر وارتفعت شهرتها ودارت الإشاعات حول علاقتها العاطفية مع Francisco Bolonha وهو شخصية محلية بارزة يُزعم أنه دللها في شرب الشمبانيا الأوروبية الباهظة الثمن في قصره الفخم … ولكن تلك الإشاعات والأقاويل خرجت عن نطاق السيطرة، عندما بدأ الناس يتناقلون بأن هذه الشابة كانت ملعونة وتحوّلت إلى مصاصة دماء بعد زيارتها لندن، وأنّ Camille كانت تنوّم ضحاياها تنويمًا مغناطيسيًا باستخدام صوتها الساحر.
صحيح أنّ لون بشرتها الشاحب قد يكون سببًا في انتشار هذه الشائعات، وإنما ربما قد تكون الزوجات الغيورات على أزواجهنّ هنّ من أطلقن تلك الشائعات. وأخذت الشائعات منحى أقوى مع اتهامها بأنها لا تشبع من الدماء البشرية ولذلك كانت تسحر النساء والشابات بصوتها المسكون خلال عروضها المسرحية ، فيُغمى عليهنّ، ما يسمح لها بالسيطرة الكاملة عليهنّ، كي تتغذى من دمهنّ. وأُطلق عليها اسم “مصاصة دماء الأمازون” بسبب ملامحها الشاحبة ومشيها في وقت متأخر من الليل تحت ضوء القمر… كان السادة الأثرياء يرغبون فيها وكانت زوجاتهم يغرن منها بشدة بسبب جمالها… وظل البعض الآخر ، معتقدًا أن Camille كانت تمتلك مواهب خارقة للطبيعة بما في ذلك القدرة على التواصل مع الموتى واستدعاء الأرواح من خلال اشتراكها ببعض الأنشطة الروحية. وقد تناول الإشاعات عنها في كل انحاء البرازيل ومن ضمنها Belém ، وقصر Pinho الغامض. في الواقع، كان الناس يعتقدون أنCamille قادرة على التواصل مع الموتى، وتجسيد أرواحهم في ضباب أثيري كثيف من المادة الإكتوبلازمية، والتي كانت الشابة تطردها من جسدها أثناء جلسة روحية. لا شك في أن هذه كانت بداية الحركة الروحانية في البرازيل، والتي كانت تمارسها الطوائف الغامضة في قصور بيليم.