هي مجموعة من المهاراتِ أو التمارينِ الجسديةِ تُساعد في السيطرة على الجسم بشكلٍ أفضل، وطريقة فنية مُحدّدة من التصوّف والتأمل… إنها “اليوغا” التي تعود إلى أصول هندية. وهي كلمة مُشتقة من أصولٍ سنسكريتية وهي اللغة الهندية القديمة وتعني وصل أو ربط. حظت بشعبيةٍ واسعةٍ في أنحاء العالم كلّه، ولديها أنماطٌ مُتعددةٌ، وفوائد كثيرة على جسم الإنسان وروحه.
“يمكن للجميع ممارسة تمارين اليوغا، بغض النظر عن العمر والحالة الصحية، لأنها مفيدة، كما أنها تعطي ليونة فائقة للجسم، قد لا يحظى الرياضي بتلك الليونة إلا بعد ممارسته لليوغا”، هذا ما تقوله مدرّبة اليوغا عبير تيماني التي كانت لها تجربة واسعة وخبرة اكتسبتها في الهند.
عند دخولك إلى المكان حيث تقوم تيماني بالتدريبات، تجدين قاعة خاصّة تشعرك وكأنّك في منزلك، تفوح من الجدران تلك الطاقة الإيجابية، والروح المضيافة. في الداخل، غرفة للجلوس، ولكنّ الجلسة من نوع آخر… لن ينفعك إرتداء الكعب العالي ولا التبرّج… يكفي أن تدوسي الأرض بقدميك وأن تكوني طبيعية إلى أقصى حدود… ففي النهاية، المكان معدّ لراحتك النفسية والجسدية والروحية… هكذا، تستقبلك تيماني التي هي أمّ لولدين، بكلّ رحابة صدر وبابتسامة حلوة تزيّن وجهها… ما إكتسبته في الهند، من خبرة واسعة عن عالم اليوغا والتمارين، تنقله إليكِ وتجيبكِ إلى أسئلتكِ … نعم، إنّ أسئلة كثيرة قد تجول في فكرك… هل اليوغا هي رياضة بدنية أم أعمق من ذلك؟ هل هي فعلا صحيّة، أم أنها قد تكون لها بعض الجوانب السلبية التي من الممكن أن تؤثّر على حالتك النفسية والروحية والجسدية؟ أسئلة جمّة تدور في داخلك… إلا أنّ الأجوبة التي حصل عليها موقع Feminine Spirit جاءت نتيجة دردشة عفويّة مع تيماني على الشكل التالي…
– من هي عبير تيماني؟ كيف بدأت مشوارها في عالم اليوغا؟
منذ ستة أعوام، قمت بحضور إحدى الصفوف للتدريب على اليوغا. كنت أعاني من أوجاع في الظهر، ووجدتُ أنّ تمارين اليوغا تريحني من تلك الأوجاع، فتعلّقتُ بالتمارين وأصبحتُ مواظبة عليها بشكل منتظم. من ثمّ، سافرتُ إلى قطر للعمل كمنتجة ومراسلة. وقد تمكنّت عبر الإنترنيت من التواصل مع منظمي دورة للتمرين المكثّف لليوغا. فقدّمتُ إستقالتي فجأة وذهبتُ إلى الهند لأحقق حلمي. وحصلتُ على شهادة.
– كيف يمكن تعريف اليوغا؟ ما الأنواع المختلفة لليوغا المنتشرة حول العالم؟
اليوغا هي نظام معيّن وليست نوع من الرياضة البدنيّة، كما أنّها ليست طائفة أو دين معيّن حتى ولو اخترعها الهندوس، واستخدموها.
هناك أنواع عديدة لليوغا. ولكن، الشكل الكلاسيكي لليوغا هو الهاتا يوغا Hatha yoga وهذه الكلمة تُقسم بدورها إلىHa أي الشمس وTha أي القمر، وهي ترمز إلى التوازن بين الإيجابية والسلبية Balance between Negative and Positive وهي أبسط أنواع اليوغا. في هذا النوع يجب القيام بثلاث أساسيات هي: الأوضاع والتنفس والتأمل، الفائدة الرئيسة من يوغا الهاتا هو التوازن، ينقسم الجسم عمودياً إلى اليمين. وتؤكد يوغا الهاتا أن يكون الجانب الأيمن في تناغم مع الجانب الأيسر، وفي حال كان الجانب الأيمن متعب أكثر من الجانب الأيسر، فإنّ الأمر طبيعي لإستخدام الجانب الأيمن أكثر، لهذا فإن دور يوغا الهاتا هو تعزيز الجانب الأيسر واسترخاء الجانب الأيمن للوصول إلى هذا التوازن. وتنطلق من يوغا الهاتا كلّ الأنواع الأخرى.
أما Ashtanga أي يوغا الأشتانجا فإنها أصعب بكثير من النوع الأول لأنها تتضمّن أكثر من حركة واحدة، تعطي المرونة والقوّة، وتقوم بتهذيب بدني، وذلك من خلال التركيز على عدد معين وأنواع الأوضاع في كل مرة، والتكرار يتيح فرصة للتعرف على نقاط الضعف الخاصة بالفرد لتقويتها.
– ما الفوائد الجسدية والنفسية لليوغا؟
أثبتتْ العديد من الدراساتِ العلمية العلاقة الإيجابية بين اليوغا والإكتئاب، إذ تساعد على استرخاء الجسم، والتخلّص من التعب والإرهاق ومن الأفكار المشوّشة. كما أنها تزيد من مرونةِ جسمِ الإنسان، خصوصا في منطقةِ المفاصل، والتي من النادر استخدامها في الحياة اليومية، وتَزيد من ليونتها. كذلك، تزيد من كفاءة التنفس، بالإضافة إلى أنها تُقلل من آلام العضلات التي تنتج عن الشد العضلي، كما تشفي من آلام الكتف وأوجاع أسفل الظهر، وشدّ فقراته، وصولا إلى أصابع الأرجل. كذلك، تساعد تمارين اليوغا على الجلوس بوضعية صحيحة، و”التنفس” من الأنف بدلا من الفم. فالهدف الأساس من اليوغا هو التركيز على كيفية استنشاق “الأوكسيجين” حتى يصل إلى كلّ خلايا الرأس، وتشفي الفرد من الكثير من الأمراض مثل السكري لأنها تضبط معدلات السكر في الدم، وتشفي من “الحرقة” في المعدة وتُقلل من ضغطِ الدّم المرتفع كما وتُقلل من عددِ نبضات القلب أيضاً. تُساعد على زيادةِ التركيز بشكلٍ كبير، وتعمل على تحسين الذاكرة، بسبب تدفق الدمّ إلى الرأس.
– هل تعتبر اليوغا رياضة بدنية؟ هناك إنقسام في الآراء… هناك من يعتبر أنّ اليوغا خطرة وليست مجرّد رياضة استرخاء. هل صحيح أنه إذا كان الإنسان يميل إلى الشرّ يمكنه أن يطوّر طاقته السلبية لتغدو مؤثرة عليه وعلى الآخرين ويُصبح بالتالي خطرًا؟
إنّ تمارين اليوغا تُقلّل من العدوانية، وتُساعد على التفاعل مع الآخرين، وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء. وعند ممارسة اليوغا يتمّ التركيز على الله الذي يؤمن به الفرد، ولا يتمّ الترويج لإله معيّن. وخلال التمارين يتمّ التركيز على جملة Focus on God in you heart وتنتهي دائما الجلسة بثلاث كلمات وهي: Peace Peace Peace
لذلك، لا يمكن إصدار الإتهامات الباطلة في شأن اليوغا، فهي لا تعزز الشرّ في داخل أي شخص. وهذا الأمر يعود للشخص نفسه إن كان شريرًا أم لا، ولا علاقة له بتمارين اليوغا؛ فكم من ناس يتأملون خلال صلاتهم وقد تكون نواياهم شريرة، فما علاقة هذا الأمر بالصلاة؟ كذلك الأمر بالنسبة إلى اليوغا التي تهدف إلى التخفيف من السلبيات وجعل التوازن بين الإيجابية والسلبية أمرًا محققا.
– هل إنّ النتيجة التي يمكن الحصول عليها من ممارسة اليوغا فوريّة؟ وما الحالات التي تمنع فيها ممارسة اليوغا؟
يمكن أن يلحظ الفرد نتيجة فورية بعد ممارسة تمارين اليوغا. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، والضغط المرتفع، والإصابات في منطقة الرقبة، فممنوع عليهم القيام ببعض الحركات المعيّنة حرصًا على سلامتهم.
– هل هناك من نظام غذائي معيّن يجب إتباعه لممارسة اليوغا؟
يفضل إعتماد النظام الغذائي النباتي كما هي الحال في الهند.
– هل يمكن للحامل أن تمارس اليوغا؟
يمكن للحامل ممارسة بعض الوضعيات لتمارين اليوغا ولكن يجب أن يشرف عليها مدرّب يوغا متختص بوضعيات معيّنة للحوامل.
– هل توجد مستويات معيّنة في اليوغا بحسب كلّ حالة على حدة وبحسب الأشخاص الذين يمارسونها؟ هل التمارين التي تمارسها المرأة هي نفسها تلك التي يمارسها الرجل؟
ليس هناك فرق بين المرأة والرجل ولا بين حالة الأفراد. فالجميع يمكنهم ممارسة التمارين نفسها إلا في بعض الحالات كما ذكرنا سابقًا أي حالة المرأة الحامل، والمريض بأمراض القلب، والضغط المرتفع والمصاب في منطقة الرقبة، فإنه يجب إعتماد وضعيات مختلفة تناسبهم حالتهم الصحيّة.
– هل صحيح أنّ اليوغا تخفف من آلام الطمث عند المرأة؟
تُساعد تمارين اليوغا على انتظام الدورة الشهرية عند النساء. فاليوغا، تَشد العضلات وترخيها في الوقت نفسه، وذلك يساعد على زيادةِ تَدفقِ الدّم داخل عضلات الجسم، وبالتالي فهي تَطرد السموم من العضلات، وتخفف من نسبة التشنجات.
– هل تساعد اليوغا على خفض الوزن؟
تساعد اليوغا في علاجِ السمنة، إذ إنّها تُساعد على حرق السعرات الحرارية، وبالتالي إنقاص الوزن، مع الإشارة إلى ضرورة اتباع نظامٍ غذائيٍ يومي.
– هل تحسّن اليوغا الحياة الجنسية لدى الزوجين؟
تلعب اليوغا دورا فعالا في تدفق الدمّ داخل عروق الجسم، فتُدلك الأعضاء الدّاخلية التي يصعُب تدليكها خارجياً، من خلال تدفّق الدمّ داخل الخلايا، ومن أهم تلك الأعضاء مثلاً غدة البروستاتا، وبالتالي فهي من أفضل الرّياضات التي تزيد من النشاط والقوة الجنسية عند الذكور. كما أنّها تُساعد على انتظام الدورة الشهرية عند النساء، كما أشرنا سابقًا. ولذلك، فإنّه يمكن القول إنّ اليوغا تحسّن الحياة الجنسية لدى الزوجين.
– هل يمكن أن يمارس الأطفال اليوغا؟ ما هو العمر المثالي للبدء في ممارستها؟
قال Sri.K.Pattabhi Jois إنّ “الجميع يمكنه ممارسة اليوغا، الشاب كما العجوز، الرجل المريض كما الرجل القوي، فقط الكسول لا يمكن له أن يمارسها”، وبالتالي يمكن للجميع أن يمارسها، حتى الطفل. ولكن، يفضل أن يكون عمره 11 عاما كي يمارس التمارين بصورة فعلية؛ قبل هذا السنّ يمكن للطفل أن يتعلّم بعض الوضعيات ولكن لا يمكنه إحترافها بمجمل وضعياتها.
– هل اليوغا ستغيّر العالم إلى الأفضل؟
هناك إعتقاد بأنّ اليوغا يمكنها أن تحمي من أمراض سرطانية، لأنّه عند ممارسة اليوغا يتدفق الدمّ في خلايا الجسم، وتصل كميّة مهمّة من “الأوكسيجين” إلى الرأس، فتننعش الخلايا، وتحمي من انسداد مجرى الدمّ وبالتالي من تكوّن خلايا سرطانية.
كذلك، تجدر الإشارة إلى أنه لو تمّ تدريس الأطفال تمارين اليوغا منذ نعومة أظافرهم، لما شهد العالم اليوم حالات من العنف، ولكان تغيّر العالم واتجه نحو حياة أفضل وأكثر توازن.