أصبحت المعارك بين الآباء والأبناء على استخدام التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من تفاصيل الحياة اليومية، إذ كثيرا ما يطالب الآباء أبنائهم بتقليل أوقات وضع رؤوسهم في شاشات الهواتف النقالة أو الأجهزة اللوحية.
وحتى سنوات قليلة مضت، تركزت نصائح الآباء للأبناء على تخصيص وقت (ساعة أو ساعتين في اليوم) لاستخدام التكنولوجيا، بحيث لا تتضرر علاقاتهم بمحيطهم الأسر.
وما زالت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توصي بساعة واحدة يوميا كحد أقصى للتعرض لشاشات الأجهزة الإلكترونية للأطفال دون سن السادسة.
لكن، أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن طول مدة استخدام الطفل للأجهزة اللوحية لا يشكل مشكلة، بقدر ما تشكله فائدة أو ضرر ما يستهلكه عبر الشاشة، سواء كان الجهاز تلفازا أو ألعاب فيديو أو هاتفا نقالا.
وتشبّه عالمة نفس متخصصة بمفهوم “التغذية الرقمية” جوسلين برور، الوجبات الإعلامية بما هو موجود في أطباقنا، قائلة: “بدلا من حساب السعرات الحرارية (أو وقت الشاشة)، فكر في ما تأكله”.
وأضافت برور أن “الأمر لا يتعلق فقط بما إذا كنت تستهلك أي مضامين رقمية، لكن المهم أيضا علاقتك بالتكنولوجيا والدور الذي تلعبه في حياتك العائلية”.
وكشفت نتائج دراسة أجرتها مؤسسة أكسفورد للإنترنت وجامعة كارديف في مطلع العام الماضي على 20 ألف رب أسرة، أنه لا توجد علاقة بين الحد من استخدام الأجهزة الإلكترونية ورفاهية الأطفال.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة أندرو بريسبيلسكي إنّ النتائج التي تمّ التوصل إليها تشير إلى السياق الأوسع للأسرة، فإذا ما شارك الآباء بنشاط في استكشاف العالم الرقمي مع أبنائهم، تكون الفائدة أكبر من استخدام الطفل لوحده للشاشة.
ووجدت دراسة أخرى أجرتها جامعة ميشيغان في كانون الأول عن أشخاص تتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و11 عاما أن كيفيّة استخدم الأطفال للأجهزة، وليس الوقت الذي يقضونه في استخدامها، هو أقوى مؤشر على المشاكل العاطفية أو الاجتماعية المرتبطة بإدمان الشاشة.
لكن، مؤلفي هذه الدراسة قالوا إن القلق بشأن استخدام الأطفال للشاشات له ما يبرره عندما يؤدي إلى سوء السلوك أو فقدان الاهتمام بالأنشطة الأخرى أو الأسرة أو الحياة الاجتماعية أو الانزواء.
وتتفق معظم الأبحاث على أنه على الرغم من أن ضرورة تحديد مواقيت لاستخدام الأطفال للشاشات الرقمية، فإن الاستخدام المفرط لها له تأثيرات سلبية على النوم والصحة والمزاج.
ووجدت إحدى الدراسات، التي أجريت في كانون الثاني أن المراهقين الذين ينفقون قدرا ضئيلا من الوقت على الاتصالات الإلكترونية هم الأكثر سعادة.
وبينما يميل الحديث نحو السلبية في كل مرة يدور عن علاقة الأطفال بالتكنولوجيا، فإنه ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك. إذ يمكن للإنترنت وألعاب “الفيديو” أن تكون ممتعة وتوفر منفذا إبداعيا جديدا للأطفال.