1.8K
عند لفظ كلمة “فنّ” لا يُمكن أن يتبادر إلى ذهننا سوى إحساس عالٍ وموهبة إستشعار كلّ ما هو جميل وعميق وخلاق … كذلك، عبارة “فنان”، لا تليق إلا بمن لديه الإبداع، والمقدرة على تجسيد هذه الأحاسيس بلوحة غنائية تمجّد الخالق على ما ترسمه الأنغام من ألحان وغناء وجمال ما بعده جمال… أنغامٌ تسمو إلى أبعد من الحواس الخمس ومن الظاهر الملموس… أنغامٌ تلمسُ الروح، فتسقيها من شدّة عطشها ماء الحياة والأمل، وتغذيها من مذاق الإبتكار والدمج والخلق، لتبهر كل مستمع ومتذوق منخطف إلى عالمه الخاص، والسكران بنشوته على أوتار الآلات الموسيقية والألحان التي تتدفق كالسيل إلى جوف أفكاره وأحلامه وكلامه…
الفنّ نعمة من الله، ومن المعيب الإستخفاف به وإستخدامه وسيلة لمطامع وأهداف دنيئة… وإلا تحوّل إلى نقمة انفجر منه فنّ هابط لا يمتّ إلى مستوى الفنّ الراقي بأي صلة، واتجه إلى ساحة لتفجير بركان جنسي مجبول بالرخص والإبتذال…
الفنّ مسؤولية، سيعكس صورتنا لدى أولادنا، سيُرسّخ انطباعًا في تاريخنا لدى أحفادنا… سيتذكروننا مشيرين إما إلى “حقبة العصر الذهبي للفنّ” أم “حقبة الإنحطاط الفني”… لذلك، لا بدّ من تسخير وسائل الإعلام والإعلان ووسائل التواصل الإجتماعي لرفع وثقل المستوى الفني حتى نبقى في عصرنا الذهبي في الفنّ بغض النظر عن وضعنا الإقتصادي والإجتماعي الذي يفتقر أصلا إلى الدعم من الدولة…
“يجب التمييز بين من يقدّم فنًا بكل ما للكلمة من معنى، وبين من يملك المال ويريد التسلية وتقديم الإيحاءات الجنسية فقط!”، هذا ما يقوله الفنان مارك عبد النور الذي استطاع أن يثبت نفسه في الساحة الفنية بعد أن أثقل مستواه الفني من خلال الخبرة الطويلة، إذ بدأ منذ صغره كعازف مع نخبة من المطربين، واستطاع في عمر الـ23 فقط أن يُصبح قائد فرق موسيقية، منتقلا فيما بعد إلى عالم التوزيع الموسيقي، فتولى التوزيع للعديد من كبار المطربين في لبنان والعالم العربي. واليوم، وبعد أن وقّع إسمه على أهمّ الاعمال الفنية لكبار الفنانين، ها هو يوقّع إسمه على أعماله الغنائية الخاصّة ويتخذ من الغناء خطوة متّسمة بالجدية بعد أن كانت مجرّد هواية، ومن دون أن يتخلى عن حبّه للتوزيع الموسيقي.
هذا ما قاله الفنان الموهوب، الطموح، والعصامي مارك عبد النور لـFeminine Spirit
– كيف اتجهت إلى عالم الفنّ… من شجعك على الدخول في هذا المجال؟
بدأتُ بالعزف على آلة “الأورغ” وتطورت مع الوقت… واتجهتُ إلى قيادة فرق موسيقية في عمر مبكر إذ كنتُ في الـ23 عاما فقط، وعملتُ مع العديد من المطربين. وقد اكتشفتُ في الوقت نفسه موهبة التوزيع فنميتها من خلال إتقانها وتطويرها، ولذلك عملتُ كقائد لفرق موسيقية وموزّع في آنٍ. وبما أنّ لديّ أيضًا موهبة الغناء، قررتُ فيما بعد خوض هذه التجربة من دون التوقف عن التوزيع الموسيقي، واستثمرتُ مجهودي في أغانٍ خاصّة بي بعدما استطعتُ تأمين مبلغ كافٍ لإنتاج الفيديوكليبات… وأكملتُ المسيرة حتى الآن.
– بين التوزيع، قيادة الاوركسترا والغناء، أين تجد نفسك؟ وما الأصعب؟
لا أجد صعوبة في التوزيع ولا في قيادة الفرق الموسيقية ولا في الغناء، ولكن شغفي اليوم هو الغناء والتوزيع في حين أنّ قيادة الاوركسترا أصبحت في حقبة الماضي. أشعر بالسعادة في الغناء والتوزيع معًا، فلذّة الغناء بالنسبة إليّ، هي مقدرتي على التفاعل مع الناس، في حين أنّ التوزيع يحفزني على العطاء من روحي إلى حين أن تُبصر فيها الأغنية النور وتُصبح معروفة.
– يسمع الناس الأغنية جاهزة وملحّنة، ولكن القليل يعلم عن مهمّة الموزع الموسيقي في الأغنية… ما أهميّة دور الموزّع؟
الأغنية مؤلّفة من ثلاثة عناصر: الكلمات، اللحن، ثمّ التوزيع. الموزّع والملحّن يكملان بعضهما البعض؛ فالملحن يستخدم الكلمات ليضفي عليها لحنًا يناسبها… أما الموزّع فهو الذي يجمّل مطلع الأغنية والإيقاعات والـsolo ويحدد إطار جوّ الأغنية ويُقرر ما الآلات التي سيتمّ إستعمالها، كما يحدد طريقة أداء المغني للأغنية… الموزّع هو مخرج الأغنية…
– هل فكرت يومًا بإدخال الموسيقى الغربية إلى تلك الشرقية في أغانيك؟
لم أفكر يومًا أن أدخل الموسيقى الغربية إلى أسلوبي الخاص… ولا أرى نفسي أغني بلغة أجنبية… ولكن، من الممكن أن أضيف لحن أجنبي إلى كلمات باللغة العربية… إلا أنّ إحساسي وطريقة تأديتي للأغاني تتناسب مع الأغنية الشرقية فقط.
– عندما قررت الدخول إلى عالم الغناء، هل أثر هذا الأمر على مسيرتك كموّزع أو على علاقتك ببعض الفنانين ؟
المجال الفني بطبعه “فج”… يتقبلني بعض الفنانين كموزع أكثر من كوني مطربًا… كثيرون توقفوا من التعامل معي في مجال التوزيع لإعتباري منافسًا، علمًا أنّ هذا التفكير غير منطقي لأنني أتعامل مع المطربين الآخرين بموضوعية ومهنيّة… عندما يدخل أي فنان إلى مكتبي يكون دوري موزّعًا، وأقوم بتوزيع الأغنية باحترافية… لم يستطع الكثيرون فصل دوري كموزع من جهة ودوري كمغنٍ من جهة ثانية… وهنا، لا بدّ من التشديد على أنّ من لديه ثقة بنفسه لا يتأثر بدوري كمغني، لأنه يرى في مارك الموزّع المحترف والحساس وليس المنافس.
حدثنا عن المهرجانات الغنائية، والجولات الفنية والحفلات التي شاركت فيها؟
شاركتُ في حفلات كثيرة، ولكن أركز على الأعراس، لأنها بطبيعتها “سلسلة” خصوصا في ظلّ شعور الحضور بالعطش للإستمتاع والرقص والإحتفال مع العروسين، ما يجعل الجوّ مفعمًا بالحياة… ناهيك عن أنّ الغناء في الأعراس لا يؤدي إلى المماطلة أو التأخير في تحصيل حقوق الفنان.
شاركتُ في حفلات في لبنان والخارج مثل لندن وباريس وغيرها… ولكن المهرجانات في الخارج قليلة نظرًا للطقس الحارّ الذي لا يساعد على القيام بذلك…
– ما اللون الذي تتبعه في أغانيك؟ هل تفضّل الطابع الرومانسي أم أنك من الممكن أن تتخذ طابعًا مختلفًا فيما بعد؟
لا أتبع لونًا محددًا… الأغنية الأولى التي تمّ نشرها، تتمتّع بألحان الموسيقى الهادئة وعنوانها “ودعني”، فيما الأغنية الثانية فهي عبارة عن الدبكة اللبنانية وتحمل عنوان “مقضي تمصدي”، والأغنية الثالثة بعنوان “انتو البنات” تجمع أكثر من لون موسيقي ومنها الدبكة، في حين أنّ الأغنية الرابعة التي هي بعنوان “ملكة قلبي” فلها لون مختلف عن الأغاني السابقة وتتميّز بألحان الموسيقى البطيئة وتعكس الكثير من الحبّ والغرام وقد تمّ التصوير مع المخرج سام كيال فيديو كليب لها ويتناول موضوعه “حفلة عرس”…