4.2K
عندما نتكلّم عن الرقص الشرقي يأتي إلى ذهننا للوهلة الأولى امرأة بملابس خاصّة وحليّ واكسسوارات، تتمايل وتحرّك خصرها بغنجٍ وأنوثة على أنغامٍ معطّرة بنفحة من رائحة الشرق وجماله الساحر والغامض… ليخطفنا إلى عالم ألف ليلة وليلة عندما كانت نساء الحرملك يرقصن للسلطان بإغواء ودلال… لوحة معطّرة بالتاريخ القديم، قد يعود أصلها إلى مصر في ظلّ الحضارة الفرعونية، امتدّت مع الوقت لتصبح فنًّا له فوائد جمّة نفسية وجسدية، ولكن مع بعض التغييرات البسيطة في الحركات كي تتناسب مع الايقاع الشائع في موسيقى الشرق الأوسط… وينتشر بشكل خاص في كل من مصر وتركيا ولبنان…
وإذا كان الرقص الشرقي هو فنّ من الفنون التي تحبّ النساء تعلّمها ولو على سبيل الهواية، ما زال هناك من يتأثر بفكرة الإغواء والإثارة التي كانت موجودة سابقًا في عهد الفراعنة والسلاطين…
“فالأمر متعلّق بثقافة وتربية كلّ شخص وأسرة. هناك من يرى أنّ الرقص أمر جيد فيما البعض الآخر يراه أنه سيئ… لكل تفكيره بحسب خلفيته…”، هذا ما تقوله الراقصة إليزابيث بولان التي تؤكدّ أنّ نظرة المجتمع متعلّقة بكل فرد أو أسرة ولا علاقة له بالبلد ولا بعاداته…
كما تؤكد أنه من أجل تغيير المفهوم تجاه المرأة، “من الضروري كبداية، تغيير عقول الأمهات لأنهنّ سيؤثرن على طريقة تفكير أجيال المستقبل”…
بولان، المكسيكية، تعلّمت الرقص الشرقي منذ صغرها، وتحترفه كفنّ بكل معنى الكلمة وتمارسه كمهنة معتمدة على الحركات والتقنيات التي تعلّمتها في أصول الرقص حتى ولو كانت تحبّ الرقص حافية القدمين على الطريقة المصرية وبصورة إرتجالية….
هذا ما دار من دردشة بين بولان وFeminine Spirit في يوم عيد ميلادها، فنستغل الفرصة في هذه المناسبة ونتمنى لها كلّ عام وعيد ميلاد سعيد…
إيزابيل، أنتِ راقصة شرقية… هل يمكنكِ أن تخبرينا متى وكيف تعرفت إلى الرقص الشرقي؟
اسمي إليزابيث بولان ولكن لقبي الفني منذ 15 عامًا هو نورا.
ولدتُ ونشأتُ في المكسيك. وقد رقصتُ للمرة الأولى على أنغام الموسيقى العربية في عمر الخمس سنوات في مهرجان للمدرسة مرتدية زيّا قديمًا أخاطته جدتي لوالدتي. وقد عثرتُ على مدربتي الأولى في المكسيك وبعد عامين تلقيت دعوة للرقص في مطعم لبناني بمدينة في المكسيك.
فيما بعد، تلقيت دعوة للإنضمام إلى إحدى وكالات الرقص الموجودة في لبنان، فلم أتردد في السفر للحصول على مزيد من المعرفة وخوض المغامرات.
كما أنني أنهيت دراستي الجامعية في طبّ النفس، في الوقت الذي كنتُ أتدرّب فيه على الرقص الشرقي والمسرحي وكذلك التمثيل.
أنتِ مكسيكية، لماذا اخترت الرقص الشرقي ليكون عملكِ؟
في الواقع، لم أختار الرقص الشرقي كعمل لأكستب منه معيشتي. ولكن، الرقص الشرقي هو الذي اختارني لأنني كنتُ أشعر بالشغف اتجاهه… وأشعر بالدهشة كيف تحوّلت هواية الرقص إلى مصدر رزقي وعملي الذي أعتاش منه…. أشعر بالسعادة عندما أرقص وبأنني محظوظة…
كم من الوقت تستغرق ممارسة التدريبات بشكل يوميّ؟
يرتبط عملي كما التدريبات بالأحداث دائمًا، والأفكار الخلاقة واختيار البذلات والأحذية الجديدة… إذ كل شيء يجب أن يكون تحت ” السيطرة” حتى لا أواجه أي مشكلة أثناء أدائي على المسرح، خصوصًا وأن معظم الأوقات أقوم بارتجال الحركات…
هل يمكنكِ وصف بعض الأنماط أو تقاليد الرقص الشرقي؟
هناك العديد من الأنماط في الرقص الشرقي، إذ هناك عىلى سبيل المثال، النمط الذي يعتمد على الأسلوب الشخصي وآخر يعتمد على الأسلوب المعتمد بشكل عام .
أعتبر مصر المصدر الأغنى في الرقص الشرقي، إذ إنّ أشهر التقنيّات والأساليب المصرية هي: الشرقية، والبلدية، والاسكاداراني، والشعبي، والسعيدي، إلخ.
هناك أيضًا أسلوب الرقص الشرقي اللبناني الذي يعتمد أكثر على الإثارة والإغراء من الخطوات التقنية في طريقة الرقص.
كذلك، هناك النمط التركي. والأسلوب أرجنتيني. ولكن، الأقوى في الشرق الأوسط هم المكسيكيون والأوكرانيون على الرغم من أننا لسنا قريبين في الثقافة من بعضنا البعض، ولكن الالتزام بالرقص هو نفسه.
ما هو النمط الذي تتبعينه في الرقص الشرقي ولماذا؟
حسناً، إذا أردت أن أصف أسلوبي بالرقص الشرقي، يمكنني أن أقول إنني أحاول أن أتبع الأسلوب المصري، ولكنني أعيش في لبنان وأحاول قدر الإمكان أن أجمع بين التقنيّات المصرية والأسلوب اللبناني، وذلك من خلال اتباع الأسلوب المصري كالإبتعاد عن إرتداء الحذاء عندما تسنح لي الفرصة، ولكن مع تصفيف شعري على الطريقة اللبنانية.
يعرفني الناس بأنني راقصة أنيقة، مهذبة، لطيفة، و”شاطرة”… وأحب ذلك.
https://www.instagram.com/p/BlDSx1lgp_z/?taken-by=noura_dancer
ما فوائد الرقص الشرقي؟
للرقص فوائد جمّة… جسدية ونفسية… وأنا كمدرّبة رقص، أرى في طلابي القدرة على إعادة تواصلهنّ مع أنفسهنّ وأنوثتهنّ بعيدًا عن الخوف من أحكام الناس المسبقة أو عائلاتهنّ، كما أتحسس مشاعرهنّ الإيجابية ورغبتهنّ في التعلم… أما الفوائد الجسدية، فإنّه يكفي القول إنّ الرقص الشرقي مفيد للجسم بكامله عند ممارسته بانتظام.
ما أكثر شيء تحبينه أكثر في كونك راقصة؟
أكثر ما أحبّ في كوني راقصة، هو أنني أفعل ما أحبّ أن أفعله في الحياة وأستطيع مشاركة سعادتي مع الناس وجهًا لوجه.
أصبحت هوايتي، عملي… وعملي أصبح “حفلتي”… وأشعر بأنّ الرقص يجعب من الناس جزءًا من عائلتي وأصدقائي، كما أتحسس مشاعرهم الطيّبة وطاقاتهم الإيجابية…
ماذا عن رؤية المجتمع للرقص؟ كيف يمكنكِ مواجهة الاختلافات بين المجتمعين: الأول الخاص بكِ أي المكسيك والثاني المكان الذي تعيشين فيه وترقصين؟
نظرة المجتمع للرقص الشرقي في بلدي كما في لبنان هي نفسها تقريبًا. فالأمر متعلّق بثقافة وتربية كلّ شخص وأسرة. هناك من يرى أنّ الرقص أمر جيد فيما البعض الآخر يراه أنه سيئ… لكل تفكيره بحسب خلفيّته…
حتى في المكسيك، عندما كنتُ أقوم بتدريب 50 شخصًا في صالة واحدة، هناك من سيقول في الخارج، أننا راقصون عراة أي stripper.
لا أستطيع أن ألوم أحداً، هناك سبب لكيفية التفكير بشكل ممثال، وهو أحيانًا متصل بالجهل.
برأيك ، ما الذي نحتاجه في مجتمعنا للتغيير كمفهوم تجاه “المرأة”؟
لتغيير المفهوم تجاه المرأة في المجتمع، أعتقد أنه يجب أن نبدأ التغيير لدى النساء؛ لدى الأمهات اللواتي لديهنّ القدرة في أخذ القرار كيف ستكون أفكار أطفالهنّ. يجب عليهنّ أن يعلّمن أولادهنّ كيفية عدم الحكم على الناس، والفتيات ألا يغرن من بعضهنّ البعض وعدم افتعال المشاكل والقتال بين بعضهنّ البعض من أجل رجل… يجب عليهنّ أن يعلّمن بناتهنّ أن الزواج ليس هو هدف الحياة الوحيد للمرأة…. لذلك، من أجل التغيير، من الضروري كبداية، تغيير عقول الأمهات لأنهنّ سيغيرن طريقة تفكير أجيال المستقبل.
كيف تقضين أوقات فراغك؟
أقضي وقت فراغي في الإستماع إلى الموسيقى التي أحبّها، أو في إنتقاء الألحان التي سأرقص عليها خلال أداء عملي. أحبّ الرسم والكتابة. كما أذهب إلى صالة الرياضية باستمرار، وأقوم عند الحاجة بإصلاح بذلة الرقص… وأحيانا أكتفي بالاسترخاء مع الأصدقاء.
https://www.instagram.com/p/BlX6MfcAlCu/?taken-by=noura_dancer