سواء كانت ربة منزل أو رئيسة وزراء، لعبت المرأة دورًا حاسمًا في الحفاظ على الصحة العامة في خلال جائحة “كورونا”. لذلك، يقتضي أن تتبنى الحكومات إستراتيجيات تضمن مشاركة النساء على نطاق أوسع وبشكل أكثر فاعلية في التصدي للتحديات المقبلة.
في تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” Foreign Policy الأميركية، قالت الكاتبتان لويس كوام وراشيل فوغلشتاين إنّ صناع القرار لا ينظرون عادة إلى المرأة كعامل مؤثر في وجه الأزمات، ولا يعتمدون كثيرًا على دورها في الإستجابة للمشكلات الطارئة، ولكن في الحقيقة تتفوّق القياديات على نظرائهنّ من الرجال وهذا ما رأيناه خلال الجائحة، حين أثبت مكانتهنّ المحورية وقدرتهنّ على التعامل مع الأزمات.
إحداهنّ كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، التي أعيد إنتخابها في تشرين الأول الماضي في ظل إدارتها الناجحة للجائحة. ومع ذلك، ما زالت نسبة النساء في المناصب الحكومية وفي المنظومة الصحية العالمية، منخفضة جدًا، وفقًا للكاتبتين.
كثيرا ما يتجاهل المسؤولون الحكوميون والأنظمة الصحية الدور الحاسم للمرأة في المجال الصحي وإستجابتها السريعة في وقت الأزمات، بالرغم من أنها تمثل نسبة 70% من العاملين في مجال الرعاية الصحية والإرشاد الإجتماعي على مستوى العالم. ومن خلال العمل المأجور وغير المأجور، تساهم النساء بأكثر من 3 تريليونات دولار سنويًا في قطاع الصحة العالمي.
ورأت الكاتبتان أن على الحكومات ضمان ظروف عمل أفضل وتقديم تعويضات عادلة العاملات والمتطوّعات في المجال الصحي، فمن بين الـ3 تريليونات دولار التي تساهم بها المرأة في مجال الرعاية الصحية على مستوى عالمي سنويًا، تبلغ نسبة الأعمال غير مدفوعة الأجر حوالي 50%
وأضافت الكاتبتان أن دور المرأة كنموذج للنجاح في المجال الصحي يتجلى بوضوح من خلال مساهمتها في تبني أفضل الممارسات الصحية المنزلية، مثل دعم الإقبال على حملات التطعيم والمساهمة في التصدي لإنتشار الأمراض.
في هذا الإطار، ساعدت بعض المبادرات النسائية في دول مختلفة، مثل “جيش التنمية النسائي” في إثيوبيا، و”برنامج المرشدات الصحيات المتطوعات” (FCHV) في نيبال، على إنشاء شبكات إجتماعية من النساء المتطوعات اللواتي لعبن دور حلقة الوصل بين الأنظمة الصحية الحكومية والمجتمعات، وأسهَمنَ في نشر المعلومات الصحية الضرورية وتحسين الخدمات.
بين عامي 1991 و2001، شهدت نيبال إنخفاضا بنسبة 80% في معدل وفيات الأمهات بعد إطلاق برنامج المرشدات الصحيات. وبالمثل، أسهمت جهود جيش التنمية الإثيوبي في إنخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 69% بحلول عام 2013، أي قبل عامين من الموعد المحدد مسبقًا ضمن برنامج “الأهداف الإنمائية للألفية” التابع للأمم المتحدة.
وسائل رقمية موجهة للمرأة
تلعب النساء أدوارًا مهمة في العائلة عند المرور بأي أزمة صحية، مثلما حدث بعد تفشي “كورونا”، حيث إن المرأة هي في الغالب الأولى التي تنتبه إلى المشكل وتتخذ القرارات الأولية فيما يتعلق بالإستجابة والعلاج والإبلاغ.
لذلك، رأت الكاتبتان أن إستراتيجيات التأهب للأوبئة والتحكم في إنتقال العدوى يجب أن تشمل تمويل وتطوير وتوزيع الأدوات الرقمية على ربات البيوت، بدلاً من إنتظار الإبلاغ الطوعي عن المرض أو نداءات الإستغاثة.
هذه البرامج الموجهة للمرأة، سواء كانت عاملة في المجال الصحي أو ربة منزل، ستساعد على تخفيف العبء على الأنظمة الصحية من خلال العلاج المنزلي للحالات غير الخطرة، وتعزيز جهود الكشف المبكر عن الأمراض ومكافحتها والوقاية منها.
وختمت الكاتبتان بالقول إنّ القيادات النسائية تعاملت مع الجائحة بشكل يراعي المساواة بين الجنسين أكثر من بقية الدول، وهو ما ساعدها على إدارة الأزمة بصورة أفضل.