“آيكيبانا” باللغة اليابانية تعني ترتيب الزهور، وهو فنّ ياباني يعود إلى القرن السابع عندما كانت باقات الزهور تقدم في استعراض تنافسي وتجميلي عند مذابح المعابد تكريما لبوذا وبأيدي الكهنة المسؤولين عن المعبد، في مقابل الهند التي كانت الزهور توضع في معابدها بشكل عشوائي.
عرفت اليابان العديد من المدارس في تنسيق الزهور يصل عددها إلى حوالى 1000 مدرسة، ويعتبر اليابانيون فنَ الآيكيبانا أكثر من مجرد ترتيب لزهور في حاوية أو آنية، بل هو شكل فني يجمع بين الطبيعة والإنسانية معا، ولذا كانوا يقدمون الزهور المنسقة لأرواح الموتى تعبيرا عن الرباط الوثيق بينهم وبين أحبائهم الأحياء. ويختلف فن الآيكيباناعن فكرة الترتيب المتعدد الألون، فهو غالبا ما يركز على السيقان والأوراق النباتية والشكل والخطوط.
من الجوانب الشائعة في الآيكيبانا هو توظيف البساطة، فمن الممكن أن تتكون من ترتيب عدد ضئيل فقط من الزهور، ويرتكز الفن على ما يسمى “بمثلث سكالين”، حيث تحدده ثلاث نقاط رئيسية: الأغصان وترمز إلى السماء، ثم الأرض، والإنسان. وفي بعض المدارس يرمز المثلث إلى الشمس والقمر والأرض. وفي بعض المدارس تدخل الحاوية أيضا في أساسيات التكوين. وتذهب فلسفة الآيكيبانا إلى أن الوقت قد حان لتقدير الأشياء في الطبيعة التي غالبا ما يتجاهلها الناس بسبب حياتهم المزدحمة. هذا الأمر يدفع الإنسان ليصبح أكثر صبرا وتسامحا مع كل ما يختلف معه، وليس فقط الطبيعة.
يشير المؤرخون إلى أنّ ممارسة فن ترتيب الزهور مستمد من نظام المعتقدات البوذية والشنتو يوريشيرو. وهو على الأرجح أصل للممارسة اليابانية التي نعرفها اليوم من هذا الفن. وقد تطورت الأنماط والأساليب منذ أواخر القرن الخامس عشر عندما انتشرت بين الشعب، ولم تعد قاصرة فقط على الأسرة الإمبراطورية وحاشيتها. ويحتفظ اليابانيون بمجموعة من النصوص التي تغطي الأعوام من 1443 إلى 1536، وأقدم هذه النصوص يسمى سيندينشو.
مع مرور العقود أصبحت الإيكيبانا جزءاً رئيسياً من المهرجانات التقليدية التي تعقد بشكل دوري لترتيب الزهور. في هذه المهرجانات توصف القواعد وطرق الترتيب والتأمل. ومن القواعد المشهورة ما وضعته مدرسة “إيكينوبو” التي أسست مبادئ الترتيب من خلال تسمية الفروع الرئيسية السبعة المستخدمة في هذا النوع من الترتيب.
وخلال الفترة التي حكمت فيها أسرة موموياما في اليابان 1560 إلى 1600 تم بناء العديد من القلاع الرائعة التزيين، وكان الأعيان والنبلاء يقومون بقطع الزهور وترتيبها وفق مدرسة تسمى “ريكا”، واعتبروا أن أسلوب الريكا هو الأنسب لهذه القلاع.