ذكر البنك الدولي أن تحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثل في الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي المدارة على نحوٍ آمن بحلول عام 2030، سيتطلب أن تنفق بلدان العالم 150 مليار دولار سنوياً؛ أي بزيادة الاستثمارات في مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة أربعة أضعاف ما يُنفق في الوقت الراهن، وهذا أمر بعيد المنال لكثير من البلدان، ما يهدد التقدم نحو إنهاء الفقر.
جاء ذلك في تقرير للبنك الدولي في مناسبة أسبوع المياه العالمي بعنوان “الحد من التفاوتات في مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة في عصر أهداف التنمية المستدامة”، والذي يشير إلى ضرورة إجراء تغيير جذري في أسلوب إدارة البلدان مواردها وتقديم الخدمات الرئيسية، واستهدافها لضمان وصولها إلى من هم في أشدّ الحاجة إليها، ومعالجة أوجه القصور لضمان أن تكون الخدمات العامة مستدامة وفعالة.
وعلاوة على ذلك، يشير التقرير إلى ضرورة تنسيق الإجراءات التدخلية المتعلقة بالمياه والصحة والتغذية لتحقيق تقدم ملموس في مكافحة تقزم الأطفال ووفياتهم. وفي حين أن تحسين المياه والصرف الصحي وحده يحسّن رفاه الطفل، فإن التأثيرات على مستقبل الطفل تزيد حتى عندما تقترن بالإجراءات التدخلية الصحية والتغذوية.
ويشرح التقرير أن 20% من المناطق الفقيرة في تونس تحصل على 11% من المياه الصالحة للشرب وتستفيد من 10% فقط من تمديدات الصرف الصحي، في حين أن 20% من المناطق الحضرية تحظى بـ27% من المياه و33% من الصرف الصحي.
وفي الضفة الغربية وغزة، يقول البنك الدولي إنه على رغم القدرة على الوصول إلى الشبكات، إلا أنّ 10% من سكان غزة فقط قادرون على الحصول على مياه صالحة للشرب. وتتمّ مواجهة إخفاقات تقديم هذه الخدمات، من خلال قيام الأسر بحفر آبار خاصة، وبالتالي إجهاد المياه الجوفية المحلية أو شراء المياه من الشركات الخاصة غير المنظمة التي تتقاضى ما بين ثلاثة إلى أربعة أضعاف كلفة الخدمات العامة.
أما في اليمن، فيوجد 19.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، بما في ذلك 10.2 ملايين نسمة من الأطفال.
وفي معرض التعقيب على ما جاء في التقرير، يقول المدير الأول لقطاع الممارسات العالمية للمياه في البنك الدولي جوانجزهي تشن: “الملايين محاصرون حاليا في الفقر بسبب نقص خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، ما يسهم في تقزم الأطفال وانتشار الأمراض المنهكة مثل الإسهال”.
ويضيف: “ومن أجل منح الجميع فرصا متساوية في إمكانية تحقيق كامل إمكاناتهم، من الضروري توفير مزيد من الموارد التي تستهدف مناطق تعاني من أوجه ضعف شديد ونقص إمكانية الحصول على هذه الخدمات، وذلك لسدّ الفجوات وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي السيئة. ويقدم هذا التقرير خطة عمل لسد هذه الفجوة”.
ويقدم التقرير تحليلا شاملا لمؤشرات المياه والصرف الصحي، ويغطي 18 بلدا حول العالم، ويطاول مواطنين في 3 دول عربية، هي اليمن وتونس وفلسطين.
ويسلط التقرير الضوء على أوجه التفاوت الرئيسية في مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بين الريف والمدن والمناطق الفقيرة وغير الفقيرة.
ويكتشف البحث عن تناقض صارخ بين المدن والريف. ففي البلدان الثمانية عشر، يعيش 75% من الأشخاص الذين يفتقرون إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة في الريف، ولا يحصل سوى 20% من سكان الريف على مياه محسنة.
وعلى مدى عامين، جمعت فرق البحث بيانات عن إمكانية الحصول على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة ومستوى جودتها، وتوصلت إلى ما يلي:
في نيجيريا، يعيش أكثر من 60% من سكان الريف على مبعدة أكثر من 30 دقيقة من مصدر المياه العاملة.
وفي إندونيسيا، يتم التعامل مع 5% فقط من مياه الصرف الصحي في المدن والتخلص منها بشكل آمن، والأطفال الذين يعيشون في مجتمعات تشهد ممارسات التغوط في العراء يزيد احتمال تعرضهم للتقزم بمقدار 11 نقطة مئوية خلال الألف يوم الأولى من العمر.
وفي بنغلاديش، كان ميكروب إي. كولاي موجودا في حوالى 80% من صنابير المياه التي تم أخذ عينات منها، وهو معدل مماثل للمياه التي تم جمعها من البرك.
وفي الإكوادور، يشرب 24% من سكان الريف مياها ملوثة، و21% من الأطفال يعانون من التقزم، و18% يعانون من نقص الوزن.
وكذا في هايتي، انخفضت إمكانية الحصول على مصادر مياه الشرب المحسنة في السنوات الخمس والعشرين الماضية، وتوقفت إمكانية الحصول على خدمات الصرف الصحي المحسنة عند 33%، وانخفض عدد الأسر التي لديها إمكانية الوصول إلى المياه المحسنة في منازلها من 15% إلى 7%.
ويبرز التقرير حقيقة أن الخدمات في العديد من البلدان لا تصل إلى الفقراء بسبب سوء التنفيذ لا بسبب سوء السياسات – ويعاني الأطفال نتيجة لذلك. ويقدم التقرير منظورا جديدا بشأن التعقيدات التي تحيط بأسباب قصور الخدمات.