في إحدى أكثر القصص المؤلمة في كتاب الصحفية والكاتبة البريطانية كريستينا لامب، تلك التي تتحدث عن إغتصاب طفلة رضيعة يبلغ عمرها سبعة أشهر فقط. عادت الأم من عملها في الحقول شرق الكونغو لتجد إحدى المليشيات نهبته، بينما تبكي رضيعتها من شدة الألم، ولاحظت الأم بقعة حمراء على مؤخرة الطفلة، فأخذتها الأم إلى مركز طبي قريب.
ومن هناك أُرسل الإثنان إلى مدينة بوكوفا، على بعد 160 ميلا، إلى مستشفى تعالج 55 من ضحايا الإعتداءات الجنسية منذ عام 1999. قالت لامب في كتابها إنه حتى الأطباء الذين يعالجون الكثير من حالات الإعتداء الجنسي كانوا مصدومين عندما استلموا حالة الرضيعة وأخبروا والدتها أنها تعرضت لإنتهاك تسبب في تمزيق فتحة الشرج بقوة. قالت الأم للامب إنها تتمنى أن يُزج بمن فعل ذلك بإبنتها في السجن، وهو الأمر المستبعد حدوثه.
تستعرض كريستينا لامب في كتابها “Our Bodies, Their Battlefields” مجموعة من القصص المروعة عن الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء، وقالت الصحفية والمُراسلة البريطانية المُخضرمة في صحيفة صنداي تايمز في لندن، إنّ هذه الجريمة هي الأكثر إهمالاً من بين جرائم الحرب في إتفاقية جنيف لحقوق الإنسان التي تعود إلى 1949.
نادرًا ما يُحاسب مُقترفو هذه الجرائم، ونادرًا ما يُكتب عنها، وفي كتابها قدمت لامب نماذج عديدة للعنف الجنسي المُستخدم في الحروب سلاحًا لنشر الرعب وإذلالا للمواطنين.
عملت لامب على منح الناجيات من الإغتصاب والإعتداء الجنسي في مناطق النزاع فرصة نادرًا ما يحصلن عليها، وسافرت عبر: “آسيا، أفريقيا، أوروبا، وأميركا الجنوبية”؛ لتقديم صورة عن الجرائم المسكوت عنها التي تتعرض لها النساء من إنتهاكات وسوء معاملة وإهمال.
طالما كان الإغتصاب من الأسلحة التي تم الإعتماد عليها في الحروب، أشارت لامب إلى إغتصاب آلاف النساء الألمانيات من قبل قوات جيش ستالين الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية، والإستعباد الجنسي الذي تعرضت له آلاف النساء الأسيويات من قبل اليابانيين خلال الفترة نفسها.
ولا يمكن التغاضي عما تعرضت له النساء البنغاليات اللواتي جرى ربطهنّ بأشجار الموز واغتصابهنّ، أو اغتصاب مُسلحي تنظيم “داعش” لليزيديات وإستعبادهنّ الجنسي وبيعهن مثل السيارات المستعملة في الأسواق بآلاف الدولارات، والنساء البوسنيات اللواتي احتجزن في فندق وأصبن بالجنون إثر تعرضهنّ لإغتصاب جماعي ليلا، فقفزت بعضهنّ من الشرفات الزجاجية ولقوا حتفهنّ.
قالت لامب إنها كلما ألقت نظرة على تاريخ الحروب قلّما وجدته يتحدث عن الجرائم والإنتهاكات التي تتعرض لها النساء خلال المعارك، وكيف يُستخدم الإغتصاب سلاحًا لإذلال الطرف الآخر في المعركة.