كثيرًا ما نسمع عن المكملات الغذائية وهي متعددة ومتنوعة، منها: الحديد، والبروتين، فيتامين “د”، الكالسيوم، أوميجا 3، إلخ. ولكن هل سمعت عن مكملات غذائية الـ”كروم”؟
يحتوي جسم الإنسان البالغ على حوالي 6 جرامات من الـ”كروم”، ويوجد بتركيز عالٍ في الشعر والطحال والكلى والخصيتين، وبتركيز أقل في المخ والقلب. يحتاج الجسم من 20 إلى 25 ميكروجرام، وهي نسبة ضئيلة جدًا، كما أنه من الحالات النادرة إصابة شخص بنقص هذا العنصر، هذا ما أشار إليه إستشاري التغذية العلاجية هاني عبد الله، الذي قال إنّ الـ”كروم” أحد العناصر الأساسية في جسم الإنسان، والذي تمّ إكتشافه منذ نصف قرن فقط، وغالبًا لا يعرف ذلك كثيرون، لأنّ إحتياج الجسم منه قليل جدًا.
وقد أظهرت الدراسات الحديثة إلى أنّ الـ”كروم” قد يكون له دورًا أساسيًا في تمرير الـ”انسولين” إلى داخل الخلية وبالتالي الإستفادة منه، لذلك قد يكون مفيدًا جدًا لمرضى السكري وللوقاية منه؛ كما أنه ضروري لتأيض النشويات والدهون والبروتين في الجسم. فوظيفة الـ”كروم” في الجسم، هي تقليل الحساسية تجاه هرمون الـ”انسولين”، وزيادة السيطرة على مستوى سكر الدم، كما أنه يجعل عملية الأيض أي التمثيل الغذائي طبيعية. لذلك، إنّ هذا المعدن الذي يُعتبر من أهم المعادن لإنتاج الـ”انسولين” من البنكرياس يعطى عادة لمرضى السكري من النوع الأول المعتمدين على الـ”انسولين”. إذًا، يقوم معدن الـ”كروم” بالمساهمة في عملية ايض الـ”جلوكوز” ويساعد في إنتاج الـ”انسولين” وتنظيم سكر الدم ويقلل من زيادة الـ”انسولين”. كما يقوم بتخفيض نسبة الـ”كوليسترول” وتخفيض الوزن أيضًا ويزيد أنسجة العضلات، كما يساعد على نقل الـ”جلوكوز” إلى الأنسجة.
ويمكن الحصول على هذا العنصر بشكل طبيعي، من خلال تناول الأطعمة الصحية، إذ يوجد بكثرة في البروكلي، الكرنب، الكبد، الخميرة، البطاطا، اللحوم. كما يوجد في التفاح ولحم البقر والخميرة والكبد والزبدة والدجاج والذرة والبيض والبطاطا الحلوة وقشور البصل والبندورة وكل الحبوب بأنواعها. ومن أهم المصادر الغذائية أيضًا التي يوجد بها الـ”كروم”، خميرة البيرة واللحوم (الكبد بشكل خاص) والجبن والحبوب الكاملة والخبز مصادر جيدة للكروم، أما الخضراوات الورقية فهي تحتوي على الـ”كروم” ولكن في صورة ضعيفة الإمتصاص، ويعد الأرز الأبيض والخبز الأبيض وهي كلّها منتجات مصفاة مصادر ضعيفة للـ”كروم” حيث إنّ طحن الحبوب ينزع حوالي 83% من الـ”كروم” ولا يتم إضافته في عملية المعالجة لأي منها.
هذا وقد قامت شركات عالمية بتركيب وصفات طبيعية من الـ”كروم” لعلاج السكر من خلال هيئة كبسولات في صورة مكملات غذائية بصورة فردية وكأحد مكوّنات الفيتامينات والمعادن المتعددة وهو ينتج في مركبات عديدة مثل كلوريد الكروم، والكروم كعامل مساعد لتحمل الـ”جلوكوز”، والـ”كروم” متعدد النيكوتين، والكروم ثنائي البيكولينات. ففي مركب الـ”كروم” كعامل مساعد لتحمل الـ”جلوكوز” يتحد المعدن مع الـ”نياسين” والـ”سيستين” والـ”جلايسين” وحمض الجلوتاميك. ولكن، تُجدر الإشارة إلى أنه يجب عدم إستخدام هذا الدواء من قبل المرأة الحامل وكذلك المرضعة وعدم إستخدامه من قبل مرضى السكر إلا بعد التنسيق مع الطبيب المختص.
كما إنتشر سوق بيع هذه المكملات الغذائية بين الرياضيين (لاعبي كمال الأجسام، ورافعي الأثقال) بشكل كبير، حيث تروّج الشركات المنتجة لهذا المكمّل على أنه يساعد على زيادة الكتلة العضلية وقوّتها وتقليل نسبة الدهون.
إنّ إستنزاف الـ”كروم” يشارك في إرتفاع الـ”كولسترول” في الدم وذلك بسبب دوره في إنتاج الـ”انسولين” وتنظيم السكر. وبما أن الـ”جلوكوز” هو المصدر الأول للطاقة في الجسم لذلك فإذا كان إستنزاف الـ”كروم” ينتج عنه كميات غير فعالة من الـ”انسولين”، فإنّ التمثيل الغذائي يتأثر بشدة ويتحوّل الجسم إلى إستخدام الدهن في التمثيل الغذائي للحصول على الطاقة. وهو نتيجة غير مرضية لأن بعض المركبات الناتجة من التمثيل الغذائي للدهون تتحوّل إلى “كوليسترول”.
وإعتقد بعض الباحثين أنّ تصلب الشرايين المتسارع الحدوث لدى مرضى الداء السكري ربما كان نتيجة لهذه العملية. لقد أوضحت الدراسات أنّ نقص الـ”كروم” يقلل من كمية الـ”كوليسترول” والأحماض الدهنية التي تستخدم بواسطة الكبد ما يشجع على تراكم الدهون في الشرايين.
ففي التجارب العلمية، وُجد أنّ الفئران التي تتغذى على طعام فقير في الـ”كروم” وغني بالـ”جلوكوز” يحدث لديها تراكم زائد للـ”كوليسترول” في الشرايين. وعلى الجانب الآخر عندما تعطى مكملات الـ”كروم” للفئران التي تتغذى على طعام غني بالسكر، فإنه يلاحظ إنخفاض مستوى الـ”كوليسترول” في دمائها وتراكم أقل للدهون في الشرايين. ونتائج هذه التجارب العملية قد أيدتها دلائل دراسة، حيث يوجد في العديد من البلدان الشرقية والتي يشيع بها مستويات منخفضة من الـ”كوليسترول” تركيزات عالية من الـ”كروم” في أنسجة نفس الأشخاص.
وأكثر من ذلك، فلقد أوضحت الدراسات أنّ مكملات الـ”كروم” تزيد من البروتينات الدهنية عالية الكثافة (الكوليسترول “المفيد”) وتخفض من البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (الكوليسترول الضار) بالإضافة إلى خفض الـ”كوليسترول” بكافة أنواعه.
كما أشارت دراسة أولية أجريت بواسطة دكتور جاري إيفانس إلى أنّ بيكولينات الـ”كروم” لها تأثير في زيادة كتلة عضلات الجسم وخفض نسبة الدهون في الرياضيين الذكور. وهناك أيضًا تقارير أفادت زيادة كتلة عضلات الجسم لدى الإناث اللواتي ينتظمن في برنامج رياضي محدد. وتبدو برامج خفض الوزن ناجحة تمامًا مع إستخدام بيكولينات الـ”كروم”، والـ”كارنتين”، والألياف. ومع ذلك فإنّ هذه الدراسة أولية ولم يكررها الباحثون.
في المقابل، ظهرت بعض الإعتراضات على التركيبة الحقيقية للكروم كعامل مساعد لتحمل الـ”جلوكوز”. وإعتبر بعض الأشخاص الـ”كروم” متعدد النيكوتين هو التركيبة الحقيقية والذي إكتشف بواسطة الدكتور والتر ميرتز عام 1959، حيث أوضحت دراسات عديدة أنّ هذه التركيبة لها تأثير ممتاز في خفض الـ”جلوكوز” بالدم كما تعمل كمضاد للأكسدة في الكبد والكلية. ومع ذلك، فقد تمّ إكتشاف أنّ كل صور الـ”كروم” تحسن تحمل الـ”جلوكوز” وتخفض مستوى الدهون بالدم وتقلل المقاومة للـ”أنسولين”.
أما بالنسبة إلى أنّ أعراض النقص لمعدن الـ”كروم” والكميات القياسية اليومية فهي 120 ميكروجرام. ولكن، تبعًا لدراسات طويلة المدى على البشر وجد أنهم يحتاجون من 200 إلى 290 ميكروجرام يوميًا للحفاظ على توازن أو ما يقرب من توازن الـ”كروم” بالجسم.
ومع ذلك، فإنّ الكمية التي يتناولها الأميركي العادي من الـ”كروم” حوالي 50 إلى 100 ميكروجرام يوميًا كمية أقل من تلك المستهلكة في إيطاليا ومصر وأميركا الجنوبية والهند. حتى الغذاء الذي يعتبر كافيًا في بعض الجوانب قد يكون به الحد الأدنى من الـ”كروم”، وإعتقد أنّ نقص الـ”كروم” شائع نسبيًا في الولايات المتحدة، وحسب بعض الإحصائيات فإنّ 80% من الشعب الأميركي يعاني من نقص الـ”كروم”، ومما لا شك فيه أنه على الأقل نقص جزئي نتيجة لعملية تصفية الحبوب التي تنزع حوالي ثلاثة أرباع الـ”كروم”.
ومن المعتقد أنّ الرياضيين أكثر عرضة لنقص الـ”كروم”، حيث إنّ الجري العنيف يضع الجسم تحت ضغوط عالية، وكذلك يزيد ما يحتاجه الجسم من الطاقة بحوالي من سبعة إلى عشرين ضعفًا، وهذا يؤدي إلى تغيرات في الهرمونات والمواد الأخرى التي تعمل وتساعد في التمثيل الغذائي للـ”جلوكوز”.
في دراسة عشوائية مقارنة إستغرقت سبعة أشهر، وهي الأولى من نوعها لدراسة تأثير عنصر الـ”كروم” المضاف لأطعمة الأطفال المصابين بالسكري – النوع الأول، ويعانون من عدم السيطرة على مستوى السكر في الدم، وبعد أن اتكأت الدراسة على أكثر من 15 دراسة سابقة دعمت دور عنصر الـ”كروم” في تحسين عمل الـ”إنسولين”، وتأيض سكر الدم في المرضى المصابين بداء السكري – النوع الثاني، فقد قُضي بأنّ إضافة الـ”كروم” إلى جانب أدوية السكري يحسن مستقبلات الـ”إنسولين”، ويضبط مستوى سكر الدم، بالإضافة إلى تقليل المخاطر التي تحيط بالقلب لدى مرضى داء السكري – النوع الثاني. وقد شملت الدراسة 30 مريضًا بداء السكري – النوع الأول من الجنسين، وبأعمار تتراوح من 12إلى 18 عامًا، كلهم من ذوي الأوزان الزائدة، وأعطي الواحد منهم 600 ميكروجرام (نصف ملجم تقريبًا) من معدن كروميوم Chromium picolinate يوميًا.
وكان الهدف من الدراسة معرفة تأثير الـ”كروم” على مستوى سكر الهيموجلوبين HbA1c، لأنه يدل على معدل مستوى سكر الدم خلال الأشهر الأخيرة، ثم مستوى الـ”جلوكوز” في الدم، والوزن، ومؤشر وزن الكتلة BMI، والأخطار المحيطة بالقلب، وتوقعت الدراسة نتائج إيجابية في إستخدام عنصر الـ”كروم” في تحسين وضبط داء السكري في الأطفال.
إضافة إلى ما تقدّم، قد يفيد الـ”كروم” في علاج الكآبة المصحوبة بالنوم الزائد، والنهم للنشويات، بحسب دراسة جاءت من جامعة ديوك على 15 مريضًا.
كذلك، من الصعب معرفة الأعراض التي تدل على نقص عنصر الـ”كروم”، لكن فعالية الـ”انسولين” تصبح مضطربة بشكل شديد عندما ينقص الـ”كروم” في الغذاء، ويظهر على المريض أعراض السكري، وقد يرتبط نقص الـ”كروم” بإضطراب النمو في الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، والشعور بالتعب، وعدم تأيض الأحماض الأمينية بشكل ملائم، وقد يؤدي نقصه إلى تصلب الشرايين، وقد تظهر أعراض الإصابة بقصور شرايين القلب التاجية.
وأخيرًا، لا تُعرف أي أعراض ناجمة عن تناول أغذية غنية بعنصر الـ”كروم”، ولكن المبالغة في تناول المستحضرات التي تحتوي على هذا العنصر قد تضر بالكلى، كما قد تتمثّل الأعراض الجانبية بالصداع والدوار وظهور طفح جلدي والإسهال.