تنبتُ شجرة البندق في كل مكان، في الحدائق وعلى تخوم الغابات. إنّ غصونها معروفة بأنها تُستخدم في البحث عن الينابيع. لكن ثمارهاتثير اهتمام محبي الطعام. إنّها صيدلية في حدّ ذاتها…
هل تعلمين إنّ شجرة البندق هي إحدى الأصناف النادرة التي تعود إلى العصور الجيولوجية (منذ 70 مليون سنة!) والتي بقيت حتى أيامنا هذه؟ يصل إرتفاعها إلى 5 أو 6 أمتار وتنتهي بباقة كبيرة من الأغصان. تبدأ حياة حبّة البندق في ايام الشتاء الأخيرة عندما تننشر الرياح غبار الطلع. في بداية حزيران، تتشكل الثمار على شكل عناقيد، وتكون القشرة طرية. وفي آخر الصيف وخلال الخريف تصبح القشرة صلبة. إنّ الثمرة البيضاوية داخل القشرة تُفرح السناجب والقوارض… والأولاد.
خصائص لا ريب فيها
يُعتبر البندق الاغنى بالمواد الدهنية بين الثمار كافة ،حتى الزيتون أو الجوز! إنه منجم حقيقي من الكالسيوم والكلور والنحاس والحديد والفوسفور والمنغنيزيوم والبوتاسيوم والصوديوم والكبريت، كما تحتوي ثمرة البندق على الفيتامين A و E فضلا عن فيتامينات المجموعة B.
وهذه العناصر الموجودة في البندق مفيدة لصحة الإنسان؛ إذ إنّ النحاس يُنصح به للروماتيزم وبعض الأمراض المعدية كالزكام. كما يُنصح بالحديد للأشخاص الذين يعانون من فقر الدم وللنساء خلال الحيض وبعده. في حين أنّ المنغنيزيوم والفوسفور هما العنصران النادران الضروريان للجهاز العصبي، ويُنصح بهما في الحالات التالية: تعب فكري، ضغط نفسي، أرق. وبدوره، يؤثر الكبريت في مشاكل الأنف والأذن والحنجرة وداء الشقيقة والروماتيزم. ويُعالج الفيتامينين B1 و B5 الأنسجة العصبية والهضمية. وتُنشط الفيتامينات B1 و B8 و B12 تكوّن الكريات الحمراء. ويعمل الفيتامين Eوهو فيتامين التكاثر على الجهاز التناسلي وعلى جهاز القلب والشرايين وعلى جهاز العضلات… ويؤخر شيخوخة البشرة. أما الدهون النباتية فهي أحماض دهنية أساسية عدوة للكوليسترول الضار وعامل شباب دائم.
إنّ تركيبة البندق وخصائصه الغذائية تجعل منه غذاءً مثاليًا للأولاد والمراهقين والنساء والحوامل والعاملين والمسنين. يُنصح باتباع علاج بالبندق في الخريف حين تكون الثمار مليئة “بلبنها” لإبعاد إمكان الإصابة بالزكام الحاد ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة والتعب التي يحملها الشتاء معه. أما أوراق شجرة البندق فغنية بالدباغ والفلافونيدات وتتمتع بمزايا مرممة للأوعية والشرايين. كما أنها منشط ممتاز للشرايين. إذا، يُنصح بها في حالات القصور الوريدي (دوالي، بواسير…) وقد ذاع صيتها في معالجة مشاكل البول (التهاب المثانة، حصى…) أخيرًا، ينصح بعض الكتاب بشراب أوراق البندق الساخن في إطار الحمية المنحفة.
والحمية المنحفة؟
على الرغم من أنها الثمرة الأسهل للهضم من بين كافة الثمار الزيتية إلا أنه لا يُنصح بها الأشخاص الذين يتبعون حمية: ففي كل 100 غ 385 كالوري. إذا، هذا الصنف هو للرياضيين والمصابين بفقر الدم والأولاد والمسنين، لا سيما وأنّ الفيتامين Eيتمتع بخصائص مضادة للشيخوخة. ولكن، إذا كان استهلاك البندق معتدلا ومنطقيًا فلن يترك ما تقدّمه هذه الثمار من فيتامينات ومعادن سوى أثرًا إيجابيًا على توازن الجسم العام وعلى الوضع النفسي ما يعود علينا بالفائدة في فترات الإحباط!
خصائص متنوعة
لطالما اعتبرت ثمار البندق دواءً حقيقيًا، وقد وصفها ديسكوريد لعلاج السعال. في العصور الوسطى، وصفتها القديسة هيلدغراد، لمشكلة قلما تعانيها: العجز الجنسي! واستخدمها البعض الآخر لإعاة إنبات الشعر أو علاج أمراض الجلد أو التهابات البول.
لذيذ، لذيذ
عندما تكسرين 500 غ من البندق، تحصلين على 200 غ من الثمار التي لا يُنصح بتناولها طازجة. فثمار البندق التي تُحفظ طويلا تفقد “لبنها” وبالتالي جزءًا من مزاقها ومن خصائصها. تؤكل ثمارالبندق نيئة، مطهوة، محلاة، أو مملحة. وعندما تُملّح يُمكن أن تُضاف إلى الجبنة والسلطات. مطهوة، توضع في الفرن بعد غرسها في التفاح تمامًا كما نغرس الثوم في اللحوم!
لبن البندق للتحليات أو كشراب: اهرسي في الجرن أو في الخلاط حفنة من ثمار البندق مع كوب من الحليب ثمّ صفيها. أضيفي العسل للتحلية إذا ما اقتضى الأمر.
كيف؟ وكم؟
الثمار: 100 غ إلى 200 غ للشخص الواحد في اليوم إلا في حال اتباع حمية منحفة.
الأوراق على شكل شراب ساخن (طعمه ليس لذيذًا): 50 غ في ليتر من الماء، من كوبين إلى ثلاثة أكواب في اليوم.
الأوراق على شكل كمادات: تقرحات ودوالي الساقين.
زيت البندق المعصور على البارد: مع السلطات والخضار النيئة فقط. على أيّ حال، تجنبي القلي وفضلي استخدام زيت الزيتون في الطهي لأنه يحتمل الحرارة بشكل أفضل.
زيت البندق
البندق هي الثمرة التي تحتوي النسبة الأعلى من المواد الدهنية وبالتالي نستخلص منها زيتًا لذيذًا ومعطرًا بعض الشيء. يحتوي زيت البندق حتى 90 % من الأحماض الدهنية غير المشبعة الضرورية لنمو الطفل بشكل خاص والمفيد للجسم بشكل عام. نشير إلى أنّ نظامنا الغذائي غني جدًا بالدهون الحيوانية (أحماض دهنية مشبعة) وبالتالي لا بدّ من إقامة توازن عبر استهلاك زيت الزيتون وزيت الجوز وزيت البندق الغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة. لكن، انتبهي، عليك أن تختاري دومًا الزيوت المعصورة عصرة أولى على البارد! إنّ زيت البندق سهل الهضم ويتمتّع طبعًا بكافة خصائص الثمرة (علاجات الجلد، تعب عضلي وفكري، هضم، إلخ…) كما يتمتّع بآثار مفيدة ضدّ الصرع. في الإستعمال الخارجي، يُعتبر زيت البندق أحد أفضل المستحضرات: يُعيد التوازن الطبيعي للبشرة، يقلل تدريجيًا حب الشباب والرؤوس السوداء؛ كما كان يُستخدم في القرن الماضي في أقسام التوليد لعلاج تشققات الثديين.