يشغل الشوكولا مقامًا رفيعًا بين المأكولات التي يعشقها الناس في كل أنحاء العالم. عندما نحبّ الشوكولا نتشوّق إلى التلذذ بطعمه يوميًا. كما أنّ عيوبه ليست بكثيرة!
لا يستطيع البعض، لا سيما النساء، أن يمضي يومًا من دون تناول الشوكولا كما لو انه أكثر من صنف طعام، كما لو أنه مخدّر. وهو في الواقع يشبه المخدّر الخفيف من بعض النواحي.
أنتِ كالجميع
يترافق الشوكولا واستهلاكه مع شعو بالذنب، حتى أنّ البعض يختبئ لتنناوله! إنما هل تعلمون كم يستهلك الغربي من الشوكولا سنويًا كمعدّل وسطي؟ ما لا يقل عن كيلوغرامين، مع رقم قياسي في سويسرا مع 4.3 كلغ (يُضاف إليها 8 كلغ من المنتجات المشتقة). ويسجل الفرنسيون بدورهم رقمًا قياسيًا: إنه رقم استهلاك ألواح الشوكولا، لا سيما تلك التي تحتوي أكثر من 50 % من الكاكاو. ولا يتردد البعض في تشبيه هذا الأداء باستهلاكهم المؤسف للأدوية المنوّمة والمضادة للإكتئاب. باختصار، لا داعي لتختبئي كي تأكلي لوح الشوكولا: فأنت ما زلت ضمن المعدل الوسطي، ولا داعي للشعور بالذنب!
من أميركا إلى أوروبا
اكتشف شعب المايا الشوكولا الذي استعملوه كعملة وكشراب، وقد تعرّف إليه المغامرون الاسبان فور وصولهم إلى القارة الأميركية. حينذاك، كان الشوكولا شرابًا منشطًا مرّ المذاق وحافلا بالتوابل، يُحضّر من حبوب الكاكاو المحمّصة والمطحونة التي تمزج بالماء وطحين الذرة والفلفل الحار وفصوص الفانيلا والتوابل. كان يُقدّم مع رغوة، كثيفًا كالعسل، في كؤوس من ذهب. وتعود سمعته كمثير جنسي إلى ذاك العهد. ويُقال إنّ الملك الأزتيكي موكتزوما كان يُشرب خمسين كوبًا في اليوم ليقوم بواجباته مع حريمه، وفي كلّ مرّة في كوب جديد من الذهب يرميه عند الإنتهاء في بحيرة عُثر فيها لاحقًا على كنز حقيقي! كما شاع تناول الشوكولا قبل تنناول أنواع الفطر التي تتسبب بالهلوسة. وكان الشوكولا يُستخدم كعملة للتبادل في أميركا الوسطى كلّها (المكسيك، غواتيمالا، سلفادور، كوستا ريكا). عند وصولهم إلى أميركا الجنوبية في بداية القرن السادس عشر، اكتشف الاسبان الشوكولا. ووصلت الشحنة الأولى من حبوب الشوكولا إلى أوروبا في أواخرالقرن.
تركيبة مثيرة للإهتمام
يزوّد الشوكولا، وهو خليط من الكاكاو والسكر، الجسم بالكثير من المنغنيزيوم:100 غ من الشوكولا المرّ تؤمن ربع النسبة اليومية المنصوح بها، وهي ميزة جيدة عندما نعلم أنّ 80% من الناس تقريبًا يعانون من نقص متفاوت من هذا المعدن الذي ينظم التوازن العضلي والعصبي. يشتمل الشوكولا على مواد منشطة وأخرى رافعة للمعنويات! يُعرف الشوكولا بقدرته على على تقديم العزاء لمن يعيش أزمة عاطفية ويبدو أنّ هذا التأثير ليس ناجمًا عن طعمه اللذيذ فقط.
تأثير مخدّر خفيف
يحتوي الشوكولا على نسبة عالية من الثيوبرومين وهي مادة قريبة جدًا من الكافيين. وتزيد هذه المادة قدرة القلب على الإنقباض وتؤثر في العضلات وفي الجهاز العصبي المركزي. ويحتوي الشوكولا أيضًا على السالسولينول وهي مادة مضادة للإكتئاب وعلى الانانداميد المعروفة بقدرتها على إيقاظ الحواس وإثارة شعور بالإغتباط. من عناصر الشوكولا الأخرى: N- acylethanolamines التي تنشط انتاج الجسم للقنابينويد Cannabinoids وهي نفسها التي ينتجها الجسم عند استهلاك القنّب. ومن هنا الآثار التي تسجّل لدى مستهلكي الشوكولا الذين يداومون على تناوله، ولا سيما الإعتياد والإدمان اللذين يشتكون منهما عند بدء أي حمية منحفة…. فللشوكولا مساوئه أيضًا!
انتبهي من السعرات الحرارية!
تكمن مشكلة الكاكاو الرئيسية في أنه يتكوّن بشكل أساس من الدهون والسكر. يحتوي 100 غ من الشوكولا المرّ على 528 وحدة حرارية، مع 57 غ من السكر، و35 غ من المواد الدهنية. أما الشوكولا بالحليب فدسم أكثر. وإذا ما استبدل السكر بالاسبرتام أو الفروكتوز في النسخة “اللايت” فإنّ كميّة الدهون تزداد مع توفير حوالى 50 سعرة حرارية في كل لوح شوكولا. إذا، لتنحفي، يجب أم تتصرفي بشكل منطقي، وأن تتلذذي بتناول القطعة تلو الأخرى، من دون أن تلتهمي اللوح بأكمله!
المدمن على الشوكولا: الأوصاف
يُمكن أن نعرف أنفسنا مدمنين إذا ما استهلكنا يوميًا ما بين 100 غ و500 غ من الشوكولا. تظهر الدراسات أنّ الإعتقاد الشائع بأن الناس الكسولين هم الأكثر إدمانًا غير صحيح. فعلى عكس ذلك، يطاول الحبّ غير المشروط للشوكولا بشكل خاص الأشخاص الناشطين جدًا على الصعيدين الجسدي والفكري، الذين يثابرون غالبًا على العمل ويستمرون في الحركة.
بشكل عام، محبو الشوكولا، المدمنون هم الناس الذين ينامون في وقت متأخر ويقرؤون كثيرًا ويدخنون ويبدون “مرتاحين مع أنفسهم”. ينام هؤلاء جيدًا ولا يعانون من زيادة في الوزن رغم استهلاكهم الكبير للوحدات الحرارية (يستهلكون هذه السعرات بفضل نشاطاتهم المكثفة).
كولسترول أم لا؟
إنّ المادة الدهنية في الشوكولا أي زبدة الكاكاو هي من أصل نباتي. ومع 69% من الحمض الزيتي oleic acid (وهو الحمض الذي يمنح زيت الزيتون خصائصه العلاجية)، يساهم في خفض الكولسترول الضار وفي زيادة الكولسترول الجيد. ولكن، غناه بالمواد الدهنية يُفسّر لما قد يتسبب بنوبات في الكبد لدى الأشخاص الحساسين.
النوعية للهواة الحقيقيين
للشوكولا أنواع متعددة ومتنوعة. وكلما ازدادت نسبة الكاكاو فيه وقلّت نسبة السكر، كلّما كان طعمه ألذّ. ولكن الشوكولا المر جدًا يجب أن يأتي من بذور ذات جودة عالية. يجب أن يكون الشوكولا ذو لون واحد، لا مع وينكسر بسهولة. وإذا ما قُضم فينبغي أن ينكسر بسهولة. تركيبته ناعمة، ممتلئة من دون أن تكون دهنية، يذوب ببطء من دون أن يعجّن. تذوّقيه ببطء لتتمكني من تقدير طعمه.
هواة كثر
شملت إحدى الدراسات 123 طالبًا و126 طالبة وأمهاتهم وآبائهم. نال الشوكولا نقطة تقدير بمعدل 8 على عشرة، بغض النظر عن السن أو الجنس. وقد تبيّن أن النساء يستهلكن الشوكولا أكثر من الرجال. اعترف 9 % من الذكور و20% من الإناث بأنهم يخضعون لرغبات يعجزون عن مقاومتها في تناول الشوكولا. ويعترف 14 % من الفتيان و30% من الفتيات بأنهم يشعرون بالإنزعاج عندما يعانون من نقص ويجدون صعوبة في التوقف قبل التهام لوح الشوكولا كله. يبدو أنّ الرغبة في تناول الشوكولا واستهلاكه يزيدان عندما يمرّ المرء بمشاكل معيّنة، أو في فترات الحداد والإنفعالات القوية، والنشاطات الرياضية، وقبل الحيض عند النساء.
تجنبيه مساء
أظهرت دراسة علميّة أنّ تناول الشوكولا في المساء يزيد من رؤية الكوابيس. إن كنت تعانين من الأرق أو من الكوابيس، فاختاري احتساء الشراب الساخن المعدّ من الزيزفون أو زهرة الآلام Passiflora